لا يعبد الله إلا بما شرع

لا يعبد الله إلا بما شرعمقدمة  المبدأ الرابع الذي دعا إليه الإسلام: أن يتبع المسلم في عباداته الحدود المرسومة له، فليس يكفي أن يقصد بالعبادة وجه الله وحده، ولا يتوجه به إلى أحد أو شيء غيره، بل لا بد أن تكون عبادة الله بالصورة التي شرعها الله، وبالكيفية التي ارتضاها، ولا تكون عبادته بما يخترع الناس من أهواء وظنون، قال تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (بلى من أسلم وجهه لله ـ وهو محسن ـ فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن).  فالآية الأولى تأمر بالعمل الصالح مع النهي عن الإشراك بالله، والآيتان الأخريان تشترطان الإحسان مع إسلام الوجه لله سبحانه، فمن أسلم وجهه لله ولم يشرك بعبادة ربه أحدا فقد أخلص الدين لله وحده، ولكن ذلك لا يكفي ما لم يفعل ذلك (وهو محسن) وما لم يعمل (عملا صالحا) والإحسان والعمل الصالح أن يتقرب لله بما شرعه الله لا بما وضعه الناس، وقد كان عمر بن الخطاب يقول: اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا" وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) مفسرا معنى أحسن العمل قال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، ولا يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص، أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة" يعني الطريقة المشروعة المرضية عند الله ورسوله.  لقد عد الإسلام من الشرك أن يشرع الناس من الدين ما لم يأذن به الله، ومن البدع المردودة الزيادة في العبادات المرسومة أو النقص منها أو التحريف فيها، وقد قال عليه الصلاة والسلام في شأن الصلاة:  "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال في الحج: "خذوا عني مناسككم".  وحذر من كل ابتداع في شؤون العبادة والدين: "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد" "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".  فليس لإمام من أئمة المسلمين وإن علا كعبه في العلم، ولا لمجمع من مجامع المعرفة وإن عظم شأنه، ولا لمعهد من معاهد الثقافة، ولا لطائفة من المسلمين صغرت أو كبرت، أن تبتدع في دين الله عبادة جديدة، أو تزيد على عبادة قديمة، أو تغير في كيفيتها عما كانت أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله وحده هو المشرع، والرسول هو المبلغ، ونحن المتبعون، وفي الاتباع الخير كل الخير (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم).  قال الإمام ابن تيمية:  "جماع الدين أصلان: 1. ألا نعبد إلا الله. 2. ولا نعبده إلا بما شرع. لا نعبده بالبدع، كما قال تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).  وذلك تحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله.  ففي الأولى: أن لا نعبد إلا الله.  وفي الثانية: أن محمدا هو رسوله المبلغ عنه، فعلينا أن نصدق خبره، ونطيع أمره.  وقد بين لنا ما نعبد الله به، ونهانا عن محدثات الأمور، وأخبر أنها ضلالة.  قال تعالى: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).  وكما أننا مأمورون ألا نخاف إلا الله، ولا نتوكل إلا على الله، ولا نرغب إلا إلى الله، ولا نستعين إلا بالله، وألا تكون عبادتنا إلا لله ـ فكذلك نحن مأمورون أن نتبع الرسول ونطيعه، ونتأسى به، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه".Example Post Template

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

((سورة القيامه سؤال وجواب

الاسرار فى التكرار لاعظم سورة فى القرأن الكريم (الفاتحه)

الباب الثالث مجالات العبادة في الإسلام