التوازن والاعتدال بين الروحية والمادية، أو بين الدين والدنيا، هو المبدأ الإصلاحي الخامس من المبادئ التي دعا إليها الإسلام ورعاها، ليصلح بها ما أفسده محرفو الأديان في مجال العبادة. غلو اليهودية في أمر الدنيا

نقرأ أسفار التوراة الخمسة الحالية، فلا نكاد نجد للروحانية أثرا، ولا نكاد نرى للآخرة مكانا، حتى الوعد والوعيد في هذه التوراة للمطيعين والعصاة، إنما يتعلقان بأمور دنيوية، وتكاد تستأثر بها النزعة المادية الخالصة فالخصب والصحة والثراء وطول العمر، والنصر على الأعداء ونحوها من المكاسب الدنيوية الحسية العاجلة، هي المثوبات التي تبشر بها التوراة من نفذ أحكام الناموس، وأضداد هذه الأمور من الجدب والمرض والموت والوباء والفقر والهزيمة ونحوها للذين يعرضون عن الشريعة.
ويكفي أن نقرأ هذه النصوص من التوراة لندرك هذه الحقيقة:
احترموا آباءكم وأمهاتكم لتعمروا طويلا في الأرض..
اعبدوا ربكم الإله الأزلي، وهو يبارك خبزكم وماءكم، ويبعد عنكم العلل والأدواء.. وسيطيل أعماركم..الخ.
إذا أطعتم أمري وحفظتم وصيتي فسأبعث عليكم الأمطار في أوقاتها، فتخرج الأرض ثمرتها والأشجار فاكهتها.. الخ.
فليس للأجزية الروحية ولا الأخروية مكان في التوراة..
فإذا انتقلنا إلى الإنجيل وجدنا دعوة قوية إلى إلغاء قيمة هذه الدنيا، واعتبار هذه الأرض بمثابة منفى للإنسان، وطلب النجاة والسعادة هناك، في العالم الآخر، حيث تقوم مملكة السماء، فمن أراد ملكوت السماء فليعرض عن هذه الأرض، ومن أراد العالم الآخر، فليرفض هذا العالم أو هذه الدنيا، وهكذا لا تحس في الإنجيل أن لك في الدنيا نصيبا، وأن لك في طيبات الحياة حظا، ولا تشعر أن لبدنك عليك حقا، وأن لك في عمارة الأرض دورا.
يقول الإنجيل: لا يدخل غني ملكوت السموات، حتى يدخل الجمل في سم الخياط.. وقال المسيح لشاب آمن به ودخل في دينه: "إذا أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع ما تملك واعطه للفقراء، ثم تعال واتبعني. وقال لتلاميذه: "وأنتم فلا تبحثوا عما تأكلون وما تشربون ولا تهتموا لذلك، لأن هذه الأشياء إنما يبحث عنها غير المؤمنين".
Example Post Template

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

((سورة القيامه سؤال وجواب

الاسرار فى التكرار لاعظم سورة فى القرأن الكريم (الفاتحه)

الباب الثالث مجالات العبادة في الإسلام