( ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على قبائل العرب )
( ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه
وسلم نفسه على قبائل العرب )
اخبرنا محمد بن ابراهيم المقدسى
الامام قراءة عليه وانا حاضر في الرابعة وعبد
الرحيم بن يوسف المزى قراءة عليه
وانا اسمع بالجامع الازهر قال الاول اخبرنا
ابواليمن زيد بن الحسن الكندى بن
زيد قراءة عليه وانا اسمع وقال الثانى
اخبرنى ابوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ
سماعا عليه في الخامسة قالا انا ابوبكر
محمد بن عبدالباقي بن محمد الانصارى
قال انا ابوالحسن على بن ابراهيم بن عيسى
الباقلانى قال انا ابوبكر محمد بن
اسمعيل الوراق ثنا ابواحمد اسمعيل بن موسى
ابن ابراهيم الحاسب ثنا ابوبكر بن
ابى شيبة ثنا محمد بن عبدالله الاسدى ثنا
اسرائيل يعنى ابن يونس عن عثمان بن
ابى المغيرة الثقفى عن سالم بن ابى الجعد
عن جابر بن عبدالله قال كان النبى
صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس في
الموقف
ويقول ألا رجل يعرض على قومه فان
قريشا قد منعونى ان ابلغ كلام ربى . واخبرنا
عبدالرحيم بن يوسف الموصلى بقراءة
والدى عليه وغازى بن ابى الفضيل بن
ع بدالوهاب الدمشقى بقراءتى عليه
قالا انا ابن طبرزذ قال انا ابن الحصين قال
انا ابن غيلان قال انا محمد بن
عبدالله الشافعى ثنا اسحق بن الحسن بن ميمون
الحربى ثنا عبدالله بن رجاء ثنا
سعيد بن سلمة بن ابى الحسام ثنا محمد بن
المنكدر انه سمع ربيعة بن عباد او
عباد الدؤلى يقول رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يطوف على الناس في
منازلهم قبل ان يهاجر إلى المدينة يقول يأيها
الناس
ان الله يأمركم ان تعبدوه ولا
تشركوا به شيئا قال ووراءه رجل يقول يأيها
الناس
ـ202ـ
إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم
فسألت من هذا الرجل فقيل أبولهب .
وذكر ابن إسحق عرضه عليه السلام
نفسه على كندة وعلى كلب وعلى بنى حنيفة
قال ولم يك أحد من العرب أقبح ردا
عليه منهم وعلى بنى عامر بن صعصعة .
وذكر الواقدى دعاءه عليه السلام بنى
عبس إلى الاسلام وانه أتى غسان في منازلهم
وبنى محارب كذلك . وذكر قاسم بن ثابت
فيما رأيته عنه من حديث عبدالله
ابن عباس عن على بن أبى طالب في
خروجهما هو وابوبكر مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم لذلك قال على وكان
أبوبكر في كل خير مقدما فقال ممن القوم فقالوا
من شيبان بن ثعلبة فالتفت أبوبكر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبى
أنت وأمى هؤلاء غرر في قومهم وفيهم
مفروق بن عمرو وهانئ بن قبيصة ومثنى بن
حارثة والنعمان بن شريك وكان مفروق
بن عمرو قد غلبهم جمالا ولسانا وكانت
له غديرتان وكان أدنى القوم مجلسا
من أبى بكر رضى الله عنه فقال له أبوبكر رضى
الله عنه كيف العدد فيكم فقال مفروق
إنا لنزيد على الالف ولن تغلب الالف
من قلة فقال أبوبكر كيف المنعة فيكم
فقال مفروق علينا الجهد ولكل قوم جد
فقال أبوبكر فكيف الحرب بينكم وبين
عدوكم فقال مفروق إنا لاشد ما نكون
غضبا حين نلقى وإنا لاشد ما نكون
لقاء حين نغضب وإنا لنؤثر الجياد على
الاولاد والسلاح على اللقاح والنصر
من عند الله يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ( 1 )
لعلك أخو قريش فقال أبوبكر أو قد
بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا فقال مفروق
قد بلغنا انه يذكر ذلك فالام تدعو يا
أخا قريش فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال
أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأنى رسول الله وأن تؤونى
وتنصرونى فان قريشا قد تظاهرت على
أمر الله وكذبت رسله واستغنت بالباطل
عن الحق والله هو الغنى الحميد فقال
مفروق والى م تدعو أيضا يا أخا قريش فقال
* ( هامش ) * ( 1 ) " أخرى " ساقطة من
الاصل والتصحيح من الظاهرية . ( * )
ـ203ـ
رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قل
تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا
به شيئا و بالوالدين احسانا ولا
تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم وإياهم
ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما
بطن ، ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا
بالحق
ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) فقال
مفروق وإلى م تدعو أيضا يا أخا قريش
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى
القربى
وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى
يعظكم لعلكم تذكرون ) فقال مفروق دعوت
والله يا أخا قريش إلى مكارم
الاخلاق ومحاسن الاعمال ولقد أفك قوم كذبوك
وظاهروا عليك وكأنه أراد أن يشركه
في الكلام هانئ بن قبيصة فقال هذا هانئ
ابن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا فقال
هانئ قد سمعنا مقالتك يا اخا قريش وانى
أرى ان تركنا ديننا واتباعنا إياك
على دينك لمجلس جلسته الينا ليس له اول
ولا آخر زلة في الرأى وقلة نظر في
العاقبة وإنما تكون الزلة مع العجلة ومن
ورائنا
قوم نكرة ان نعقد عليهم عقدا ولكن
نرجع وترجع وننظر وتنظر وكأنه أحب أن
يشركه في الكلام المثنى بن حارثة
فقال وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب
حربنا فقال المثنى قد سمعت مقالتك
يا اخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن
قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا دينك
لمجلس جلسته الينا ليس له اول ولا آخر
وانما إنما نزلنا بين صريى ( 1 )
اليمامة والسمامة فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم
ما هذان الصريان فقال أنهار كسرى
ومياه العرب فأما ما كان من انهار كسرى
فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير
مقبول وأما ما كان من مياه العرب فذنب
صاحبه مغفور وعذره مقبول وانا إنما
نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى ان لا نحدث
حدثا ولا نؤوى محدثا وانى ارى ان هذا
الامر الذى تدعونا اليه انت هو مما يكرهه
الملوك فان احببت ان نؤويك وننصرك
مما يلى مياه العرب فعلنا فقال رسول الله
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الصاد تثنية صرى
وهو الماء الذى يطول استنقاعه . ( * )
ـ204ـ
صلى الله عليه وسلم ما اسأتم في الرد
إذ فصحتم في الصدق وان دين الله لن ينصره
إلا من حاطه من جميع جوانبه ارأيتم
ان لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله ارضهم
وديارهم واموالهم ويفرشكم نساءهم
اتسبحون الله وتقدسونه فقال النعمان بن شريك
اللهم لك ذا فتلا رسول الله صلى الله
عليه وسلم ( يأيها النبى انا ارسلناك شاهدا
ومبشرا
ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه
وسراجا منيرا ) ثم نهض رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخذ بيدى فقال يا أبا بكر يا
أبا حسن أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها بها
يدفع الله بأس بعضهم عن بعض وبها
يتجازون فيما بينهم قال ثم دفعنا إلى مجلس
الاوس
والخزرج فما نهضنا حتى بايعوا النبى
صلى الله عليه وسلم وكانوا صدقا صبرا ولم
يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في
ذلك كله يدعو إلى دين الله ويأمر به كل
من لقيه ورآه من العرب إلى ان قدم
سويد بن الصامت أخو بنى عمرو بن عوف
من الاوس فدعاه رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى الاسلام فلم يبعد ولم يجب ثم
انصرف إلى يثرب فقتل في بعض حروبهم .
قال ابن إسحق فان كان رجال من
قومه ليقولون إنا لنراه قد قتل وهو
مسلم . وقدم مكة أبوالحيسر أنس بن رافع في
فتية من قومه بنى عبد الاشهل يطلبون
الحلف فدعاهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى الاسلام فقال رجل منهم
اسمه اياس بن معاذ وكان شابا يا قوم هذا والله
خير مما قدمنا له فضربه أبوالحيسر
وانتهره فسكت ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا
إلى بلادهم ومات اياس بن معاذ فقيل
انه مات مسلما .
ـ205ـ
( بدء اسلام الانصار وذكر العقبة
الاولى )
والانصار بنو الاوس والخزرج ابنى
حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو
مزيقياء بن عامر ماء السماء ابن
حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن
ثعلبة البهلول بن مازن بن الازد
دراء ( 1 ) بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن
كهلان بن سبأ عامر بن يشجب بن يعرب
بن يقطن قحطان . قال ابن اسحق
فلما أراد الله اظهار دينه واعزاز
نبيه وانجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الموسم الذى لقى فيه
النفر من الانصار فعرض نفسه على قبائل العرب
كما كان يصنع في كل موسم فبينما هو
عند العقبة لقى رهطا من الخزرج أراد الله
بهم خيرا فقال لهم من أنتم قالوا نفر
من الخزرج قال أمن موالى يهود قالوا نعم
قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى
فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم
الاسلام وكان مما صنع الله بهم في
الاسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا
أهل علم وكتاب وكانوا هم أهل شرك
أصحاب أوثان وكانوا قد غزوهم ببلادهم
فكانوا إذا كان بينهم شئ قالوا لهم
إن نبيا مبعوثا الآن قد أظل زمانه نتبعه
نقتلكم معه قتل عاد وارم فلما كلم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر
ودعاهم إلى
الله قال بعضهم لبعض تعلموا والله
انه للنبى الذى توعدكم به يهود فلا يسبقنكم
اليه
فأجابوه فيما دعاهم اليه بأن صدقوه
وقبلوا منه ما عرض عليهم من الاسلام وقالوا له
إنا تركنا قومنا ولا قوم بينهم من
العداوة والشر ما بينهم فان يجمعهم الله عليك
* ( هامش ) * ( 1 ) بكسر الدال المهملة
وفتح الراء مهموز ممدود . ( * )
ـ206ـ
فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا راجعين
إلى بلادهم قد آمنوا وصدقوا . وهم فيما
ذكر لى ستة نفر من الخزرج ثم من بنى
النجار وهم تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن
الخزرج الاكبر اسعد بن زرارة بن عدس
بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك
ابن النجار . وعوف بن الحرث بن رفاعة
بن الحرث بن سواد بن غنم بن مالك
ابن النجار . وابن سعد يقول سواد بن
مالك بن غنم بن مالك وهو ابن عفراء .
ومن بنى زريق رافع بن مالك بن
العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق . ومن بنى
سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة بن
عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد .
ومن بنى سلمة بن سعد بن على بن اسد بن
شاردة بن تزيد بن جشم ثم من بنى
حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة
عقبة بن عامر بن نابى بن زيد بن
حرام . ومن بنى عبيد بن عدى بن غنم بن
كعب بن سلمة جابر بن عبدالله بن
رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد .
قال أبوعمر ومن أهل العلم بالسير من يجعل
فيهم عبادة بن الصامت ويسقط جابر بن
رئاب والله أعلم .
ـ207ـ
( ذكر العقبة الثانية )
حتى إذا كان العام المقبل قدم مكة من
الانصار اثنا عشر رجلا منهم خمسة
من الستة الذين ذكرناهم أبوأمامة
وعوف بن عفراء ورافع بن مالك وقطبة وعقبة ،
وبقيتهم معاذ بن الحرث بن رفاعة وهو
ابن عفراء أخو عوف المذكور . وذكوان
ابن عبد قيس بن خلدة بن مخلد ( 1 ) بن
عامر بن زريق الزرقى ، وذكروا انه رحل
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى مكة فسكنها فهو مهاجرى أنصارى قتل يوم أحد
.
وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن
فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن
عمرو بن عوف بن الخزرج . ومن بنى سالم
بن عوف بن عمر بن عوف بن الخزرج
العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن
العجلان بن زيد بن غنم بن سالم . ومن
حلفائهم يزيد بن ثعلبة بن خزمة -
بسكون الزاى والطبرى يفتحها - بن أصرم بن عمرو
ابن عمارة - بفتح العين وتشديد الميم
- بن مالك من بنى فزارة من بلى ومن الاوس بن
حارثة
أخى الخزرج ثم من بنى جشم أخى عبد
الاشهل بن جشم بن الحرت بن الخزرج من يعده
مولى لهم ابن عمرو بن مالك بن الاوس
أبوالهيثم مالك بن التيهان - أهل الحجاز
يخففون
الياء وغيرهم يشددها - بن مالك بن
عمرو بن زيد بن جشم بن عمرو بن جشم ومن الناس
من يعده مولى لهم من بلى . ومن بنى
أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن
عوف بن مالك بن الاوس عويم بن ساعدة
بن عايش بن قيس بن النعمان بن
* ( هامش ) * ( 1 ) " خلدة " بفتح
الخاء وسكون اللام وفتح الدال ، " مخلد "
بضم الميم
وفتح الخاء وفتح اللام المشددة . ( * )
ـ208ـ
زيد بن أمية بن زيد بن أمية بن زيد
فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء
عند العقبة على بيعة النساء ولم يكن
أمر القتال بعد . أخبرنا احمد بن يوسف
السماوى بقراءة والدى عليه سنة ست
وسبعين قال أنا أبوروح المطهر بن أبى بكر
البيهقى سماعا عليه قال أنا أبوبكر
الطوسى قال أنا نصر الله بن أحمد الخشنامى
قال أنا أحمد بن الحسن ا لنيسابورى
قال أنا محمد بن أحمد ثنا محمد بن يحيى الذهلى
ثنا عبدالرزاق قال أنا معمر عن
الزهرى عن أبى إدريس الخولانى عن عبادة بن
الصامت قال بايع رسول الله صلى الله
عليه وسلم نفرا أنا منهم فتلا عليهم آية
النساء لا تشركوا
بالله شيئا ثم قال ومن وفى فأجره على
الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا
فهو طهر له أو قال كفارة ومن أصاب من
ذلك شيئا فستره الله عليه فأمره إن شاء
الله غفر له وإن شاء عذبه . رواه
البخارى . حدثنى إسحق بن منصور قال أنا يعقوب
ابن ابراهيم ثنا ابن اخى ابن شهاب عن
عمه فذكره بمعناه فلما انصرفوا بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم
ابن أم مكتوم ومصعب بن عمير يعلم ( 1 ) من أسلم
منهم القرآن ويدعو من لم يسلم إلى
الاسلام فنزل مصعب بن عمير على أسعد بن
زرارة وكان مصعب بن عمير يدعى
المقرئ والقارئ وكان يؤمهم وذلك أن الاوس
والخزرج كره بعضهم ان يؤمه بعض فجمع
بهم أول جمعة جمعت في الاسلام . وعند
ابن إسحق أول من جمع بهم أبوأمامة
أسعد بن زرارة . روينا عن أبى عروبة
ثنا هاشم بن القاسم ثنا ابن وهب عن
يونس عن ابن شهاب قال بلغنا ان أول
ما جمعت الجمعة بالمدينة قبل أن
يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع
بالمسلمين مصعب
ابن عمير بن عبد مناف . وبه قال ثنا
هاشم ثنا ابن وهب قال أخبرنى ابن جريج
عن سليمان بن موسى ان النبى صلى الله
عليه وسلم كتب اليه يأمره بذلك . وروينا
من طريق أبى داود ثنا قتيبة بن سعيد
ثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحق عن
* ( هامش ) * ( 1 ) في الظاهرية "
يعلمان " . ( * )
ـ209ـ
محمد بن أبى أمامة بن سهل عن أببه عن
عبدالرحمن بن كعب بن مالك - وكان
قائد أبيه بعد ما ذهب بصره - عن أبيه
كعب بن مالك انه كان إذا سمع النداء يوم
الجمعة ترحم لاسعد بن زرارة فقلت له
إذا سمعت النداء ترحمت لاسعد بن زرارة
فقال لانه أول من جمع بنا في هزم
النبيت من حرة بنى بياضة في بقيع يقال له
بقيع الخضمات قلت كم أنتم يومئذ قال
أربعون . بقيع الخضمات بالباء وقع في هذه
الرواية
وقيده البكرى بالنون ( 1 ) ، وقال هزم
النبيت جبل على بريد من المدينة . قال السهيلى
تجميع أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم الجمعة وتسميتهم إياها بهذا الاسم
هداية من الله لهم قبل أن يؤمروا بها
ثم نزلت سورة الجمعة بعد أن هاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
فاستقر فرضها واستمر حكمها ولذلك قال عليه
السلام
أضلته اليهود والنصارى وهداكم الله
له . وذكر عبد بن حميد ثنا عبدالرزاق عن
معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال جمع
أهل المدينة قبل أن يقدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم المدينة وقبل ان
تنزل الجمعة الحديث . وروى الدارقطنى عن
ابن عباس إذن النبى صلى الله عليه
وسلم بها لهم قبل الهجرة . وقد روينا من
طريق أبى عروبة الاثر عن سليمان بن
موسى بذلك ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال في النهاية : نقيع
الخضمات هو موضع بنواحى المدينة .
( 2 ) هنا في هامش الاصل : بلغ مقابلة
لله الحمد . ( * )
ـ211ـ
( ذكر اسلام سعد بن معاذ وأسيد بن
حضير )
............................................................................
- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 211 سطر 1 الى
ص 220 سطر 23
( ذكر اسلام سعد بن معاذ وأسيد بن
حضير )
على يدى معصب بن عمير
قال ابن اسحق : وحدثنى عبيد الله بن
المغيرة بن معيقيب و عبدالله بن
أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن
أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن
عمير يريد دار بنى الاشهل ودار بنى
ظفر فدخل حائطا ( 1 ) من حوائط
بنى ظفر فجلسا فيه واجتمع اليهما
رجال ممن أسلم وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير
يومئذ سيدا قومهما وكلاهما مشرك على
دين قومه فلما سمعا به قال سعد بن معاذ
لاسيد بن حضير لا أبا لك انطلق إلى
هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها
ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن
يأتيا دارينا فانه لولا أن أسعد بن زرارة منى
حيث قد علمت كفيتك ذلك هو ابن خالتى
ولا أجد عليه مقدما فأخذ أسيد
ابن حضير حربته ثم أقبل اليهما فلما
رآه أسعد بن زرارة قال المصعب هذا سيد
قومه قد جاءك فاصدق الله فيه ثم قال
مصعب إن يجلس هذا أكلمه قال فوقف
عليهما متشتما فقال ما جاء بكما
الينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما
بأنفسكما
حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فان
رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك
ما تكره قال أنصفت ثم ركز حربته وجلس
اليهما فكلمه مصعب بالاسلام وقرأ عليه
القرآن فقالا فيما يذكر عنهما والله
لعرفنا في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم ثم قال
ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا
أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل
فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة
الحق ثم تصلى فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد
شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم
قال لهما ان ورائى رجلان ان اتبعكما لم يتخلف
عنه أحد
من قومه وسأرسله اليكما الآن وهو
سعد بن معاذ ثم أخذ حربته فانصرف إلى سعد
* ( هامش ) * ( 1 ) أى بستانا . ( * )
ـ212ـ
وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر
اليه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد
جاءكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذى
ذهب به من عندكم فلما وقف على النادى
قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين
فوالله ما رأيت بهما باسا وقد نهيتهما فقالا
نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بنى حارثة
خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه
وذلك أنهم عرفوا أنه ابن خالتك
ليخفروك فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذى
ذكر له من بنى حارثة فأخذ الحربة من
يده وقال والله ما أراك أغنيت عنا شيئا
ثم خرج اليهما فلما رآهما سعد
مطمئنين عرف أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع
منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال
لاسعد بن زرارة يا أبا امامة أما والله لولا
ما بينى
وبينك من القرابة ما رمت منى هذا
أتغشانا في دارينا بما نكره ، وقد قال أسعد
ابن زرارة لمصعب بن عمير أى مصعب
جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن
يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان قال
فقال له مصعب أو تقعد فتسمع فان
رضيت أمرا قبلته وان كرهته عزلنا
عنك ما تكره قال سعد أنصفت ثم ركز
الحربة وجلس فعرض عليه الاسلام وقرأ
عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه
الاسلام قبل أن يتكلم ثم قال لهما
كيف تصنعون اذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا
الدين قالا تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك
ثم تشهد شهادة الحق ثم تركع ركعتين قال
فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ثم شهد
شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل
عامدا إلى نادى قومه ومعهم أسيد بن
حضير فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله
لقد رجع اليكم سعد بغير الوجه الذى
ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال
يا بنى عبد الاشهل كيف تعلمون أمرى
فيكم قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة
( 1 )
قال فان كلام رجالكم ونسائكم على
حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله قال فوالله ما
أمسى
* ( هامش ) * ( 1 ) قال ابوعبيد : يقال
فلان ميمون النقيبة إذا كان مبارك النفس .
وقال ابن
السكيت إذا كان ميمون الامر بنجح
فيما يحاول ، وقال ثعلب إذا كان ميمون المشورة
. ( * )
ـ213ـ
في دار بنى عبد الاشهل رجل ولا إمرأة
إلا مسلما أو مسلمة . قال أبوعمر حاشى
الاصيرم وهو عمرو بن ثابت بن وقش
فانه تأخر إسلامه إلى يوم أحد فأسلم واستشهد
ولم يسجد لله سجدة وأخبر رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة .
رجع إلى ابن إسحق قال ورجع مصعب إلى
منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو
الناس إلى الاسلام حتى لم يبق دار من
دور الانصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون
إلا ما كان من دار بنى أمية بن زيد
وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وهم
من الاوس بن حارثة ، قال أبوعمر
وكانوا سكانا في عوالى المدينة فأسلم منهم
قوم وكان
سيدهم أبوقيس صيفى بن الاسلب فتأخر
إسلامه وإسلام سائر قومه إلى أن
مضت بدر وأحد والخندق ثم أسلموا
كلهم . ورأيت في التاريخ الاوسط للبخارى
أن أهل مكة سمعوا هاتفا يهتف قبل
إسلام سعد بن معاذ :
فان يسلم السعدان يصبح محمد * بمكة
لا يخشى خلاف المخالف
فحسبوا أنه يريد القبيلتين سعد هزيم
من قضاعة وسعد بن زيد مناة بن
تميم حتى سمعوه يقول :
فيا سعد سعد الاوس كن أنت ناصرا * ويا
سعد سعد الخزرجين الغطارف
أجيبا إلى داعى الهدى وتمنيا * على
الله في الفردوس منية عارف
في أبيات وقد روينا ذلك أطول من هذا .
ـ215ـ
( ذكر البراء بن معرور وصلاته إلى
القبلة )
وذكر العقبة الثالثة
قال ابن اسحق ثم ان مصعب بن عمير رجع
إلى مكة وخرج من خرج من
الانصار من المسلمين إلى الموسم مع
حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة
فواعدوا رسول الله صلى الله عليه
وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق فحدثنى
معبد بن كعب بن مالك ان أخاه عبدالله
وكان من أعلم الانصار حدثه أن أباه
كعبا حدثه وكان ممن يشهد العقبة
وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال
خرجنا من حجاج
قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا
ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا فلما
وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال
البراء لنا يا هؤلاء إنى قد رأيت رأيا والله
ما أدرى أتوافقونى عليه أم لا قال
قلنا وما ذاك قال رأيت أن لا أدع هذه البنية
منى
بظهر يعنى الكعبة وأن أصلى اليها
قال قلنا والله وما بلغنا أن نبينا يصلى إلا
إلى الشام
وما نريد أن نخالفه قال فقال إنى
لمصل اليها قال قلنا له لكنا ( 1 ) لا نفعل قال
فكنا إذا
حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى
إلى الكعبة حتى قدمنا مكة قال وقد كنا
عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الاقامة
على ذلك قال فلما قدمنا مكة قال لى يا ابن أخى
انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفرى هذا
فانه والله
لقد وقع في نفسى منه شئ لما رأيت من
خلافكم إياى فيه قال فخرجنا نسأل عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا
لا نعرفه ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " والله "
مكان " لكنا " . ( * )
ـ216ـ
أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال : هل تعرفانه قلنا : لا قال
:
فهل تعرفان العباس بن ع بدالمطلب
عمه قلنا : نعم قال : وكنا نعرف العباس كان
لا يزال يقدم علينا تاجرا قال فاذا
دخلتما المسجد هو الرجل الجالس مع العباس
قال فدخلنا المسجد فاذا العباس جالس
ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه فسلمنا
ثم جلسنا اليه فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم للعباس : هل تعرف هذين الرجلين
يا أبا الفضل قال : نعم هذا البراء بن
معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال
فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم الشاعر قال نعم قال فقال له
البراء بن معرور
يا نبى الله إنى خرجت في سفرى هذا
وقد هدانى الله للاسلام فرأيت أن لا أجعل
هذه البنية منى بظهر فصليت اليها
وخالفنى أصحابى في ذلك حتى وقع في نفسى
من ذلك شئ فماذا ترى يا رسول الله
قال لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها . فرجع
البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وصلى إلى الشام وأهله يزعمون أنه
صلى إلى الكعبة حتى مات وليس كما
قالوا نحن أعلم به منهم ثم خرجنا إلى الحج
وواعدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم العقبة من واسط أيام التشريق فلما فرغنا
من الحج وكانت الليلة التى واعدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ومعنا عبد
الله بن عمرو بن حرام أبوجابر سيد من
ساداتنا أخذناه وكنا نكتم من معنا من
قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه
وقلنا له يا جابر إنك سيد من ساداتنا
وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما
أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا ثم
دعوناه إلى الاسلام وأخبرناه
بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا
العقبة قال
فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا
فنمنا ( 1 ) تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى
اذا مضى
ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد
رسول الله صلى الله عليه وسلم تسلل القطا
مستخفين حتى
اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن
ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا إمرأتان من نسائنا
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " فمكثنا "
مكان " فنمنا " . ( * )
ـ217ـ
نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء
بنى مازن بن النجار وأسماء بنت عمرو
ابن عدى بن نابى إحدى نساء بنى سلمة
وهى أم منيع قال فاجتمعنا في الشعب
ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى جاءنا ومعه العباس بن ع بدالمطلب
وهو يومئذ على دين قومه الا أنه أحب
أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له فلما
جلس كان أول من تكلم فقال يا معشر
الخزرج وكانت العرب إنما يسمون هذا
الحى من الانصار الخزرج خزرجها
وأوسها إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه
من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه
فهو في عز من قومه ومنعة في بلده وانه قد أبى
إلا الانحياز اليكم واللحوق بكم فان
كنتم ترون انكم وافون له بما دعوتموه اليه
ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم
من ذلك وان كنتم ترون انكم مسلموه وخاذلوه
بعد الخروج به اليكم فمن الآن فدعوه
فانه في عز ومنعة من قومه وبلده قال فقلنا
له قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول
الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت قال فتكلم
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا
القرآن ودعا إلى الله ورغب في الاسلام
ثم قال أبايعكم على ان تمنعونى مما
تمنعون منه نساءكم وأبناءكم قال فأخذ البراء
ابن معرور بيده ثم قال نعم والذى
بعثك بالحق لمنعنك مما نمنع منه نساءنا
ازرنا فبايعنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فنحن والله أهل الحروب وأهل
الحلقة ( 1 ) ورثناها كابرا عن كابر
قال فاعترض القول - والبراء يكلم رسول
الله صلى الله عليه وسلم - ابوالهيثم
بن التيهان فقال يا رسول الله ان بيننا
وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها
يعنى اليهود فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك
ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك
وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم
والهدم الهدم انا منكم وأنتم منى أحارب من
حاربتم وأسالم من سالمتم وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلى منكم
* ( هامش ) * ( 1 ) اى الدروع . ( * )
ـ218ـ
اثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم
بما فيهم فأخرجوا تسعة من الخزرج
وثلاثة من الاوس فمن الخزرج ثم من
بنى النجار أسعد بن زرارة بن عدس ومن
بنى مالك الاغر بن ثعلبة بن كعب بن
الخزرج بن الحرث بن الخزرج عبدالله بن
رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن
عمرو بن امرئ القيس الاكبر بن مالك
الاغر . وسعد بن الربيع بن عمرو بن
أبى زهير بن مالك بن امرئ القيس بن
مالك الاغر . ومن بنى زريق رافع بن
مالك بن العجلان . ومن بنى سلمة ثم بنى
حرام عبدالله بن عمرو بن حرام بن
ثعلبة بن حرام . ومن بنى عبيد بن عدى
ابن غنم بن كعب بن سلمة البراء بن
معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن
عبيد . ومن بنى طريف بن الخزرج بن
ساعدة بن كعب بن الخزرج سعد بن
عبادة بن دليم بن حارثة بن أبى خزيمة
بن ثعلبة بن طريف . ومن بنى ثعلبة بن
الخزرج أخى طريف المنذر بن عمرو بن
خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن
ثعلبة . ومن بنى غنم بن عوف بن عمرو
بن عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت .
ومن الاوس ثم من بنى عبد الاشهل بن
جشم بن الحرث بن الخزرج بن عمرو بن
مالك بن الاوس أسيد بن حضير بن سماك
بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد
ابن عبد الاشهل . ومن بنى السلم بن
امرئ القيس بن مالك بن الاوس
سعد بن خيثمة بن الحرث بن مالك بن
كعب بن النحاط بن كعب
ابن حارثة بن غنم بن السلم . ومن بنى
أمية بن زيد رفاعة بن عبدالمنذر بن
زنبر ( 1 ) بن زيد بن أمية . قال ابن
هشام وأهل العلم يعدون فيهم أبا الهيثم بن
التيهان بدل
رفاعة . وروينا عن أبى بكر البيهقى
بسنده إلى مالك قال فحدثنى شيخ من الانصار
أن جبريل عليه السلام كان يشير له
إلى من يجعله نقيبا . وقد قيل إن الذى تولى
الكلام مع الانصار وشد العقد لرسول
الله صلى الله عليه وسلم أسعد ببن زرارة .
وروينا من
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الزاى وسكون
النون وفتح الباء وآخره راء . ( * )
ـ219ـ
طريق العدنى ثنا يحيى بن سليم عن ابن
خيثم عن أبى الزبير عن جابر فذكر
حديث العقبة وفيه فأخذه بيده يعنى
النبى صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة وهو
أصغر السبعين
إلا أنا فقال رويدا يا أهل يثرب إنا
لم نضرب اليه أكباد المطى إلا ونحن نعلم
أنه رسول الله وان اخراجه اليوم
مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وان تعضكم
السيوف فأما أنتم قوم تصبرون عليها
إذا مستكم بقتل خياركم ومفارقة العرب كافة
فخذوه وأجركم على الله وأما أنتم
تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم
عند الله فقالوا يا أسعد أمط عنا يدك
فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها
الحديث .
وقيل بل العباس بن عبادة بن نضلة .
روينا عن ابن اسحق قال حدثنى عاصم
ابن عمر بن قتادة أن القوم لما
اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
العباس بن عبادة بن نضلة يا معشر
الخزرج انكم تبايعونه على حرب الاحمر
والاسود من الناس فذكر نحو ما تقدم
قال فأما عاصم فقال والله ما قال ذلك العباس
إلا ليشد العقد لرسول الله صلى الله
عليه وسلم وأما عبدالله بن أبى بكر فقال
ما قال ذلك العباس إلا ليؤخر القوم
تلك الليلة رجاء أن يحضرها عبدالله بن
أبى بن سلول فيكون أقوى لامر القوم
فالله أعلم أى ذلك كان . وكانت هذه
البيعة على حرب الاسود والاحمر وأخذ
رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه واشترط
عليهم لربه وجعل لهم على الوفاء
بذلك الجنة فأول المبايعين فيها مختلف فيه :
فرويناه عن ابن اسحق من طريق
البكائى ومن طريق أبى عروبة عن سليمان
ابن سيف عن سعيد بن بزيع عنه قال بنو
النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن
زرارة كان أول من ضرب على يد رسول
الله صلى الله عليه وسلم وبنو عبد الاشهل
مالك بن النجار سهل بن عتيك بن
النعمان بن زيد بن معاوية بن عمرو بن عتيك
ابن عمرو بن عامر . ومن بنى حديلة ( 1 )
أبى بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الحاء المهملة
وفتح الدال المهملة ( * )
ـ220ـ
معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار
وحديلة أم معاوية بن عمرو وهى ابنة مالك
ابن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة
بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج
ولم يذكره ابن اسحق . ومن بنى مغالة
وهم بنو عدى بن عمرو بن مالك بن النجار
أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن
عمرو بن زيد مناة بن عدى أبوطلحة
زيد بن سهل بن الاسود بن حرام . ومن
بنى مازن بن النجار قيس بن أبى صعصعة
عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو
بن غنم بن مازن عمرو بن غزية بن
عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول
وابن هشام يقول : هو غزية بن عمرو بن
عطية بن خنساء ، وغيرهما يثبتهما
معا . ومن بنى الحرث بن الخزرج عبدالله بن
رواحة سعد بن الربيع خارجة بن يزيد
بن أبى زهير بن مالك بن امرئ القيس
ابن مالك الاغر بن ثعلبة بن كعب بن
الخزرج بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس
- بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام
للدارقطنى وبكسرها وتخفيف اللام عند غيره -
ابن زيد ( 1 ) بن مناة بن مالك الاغر
خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة
ابن امرئ القيس بن مالك الاغر
عبدالله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد
الحرث بن الخزرج . وبعضهم يقول في
زيد زيد مناة وابن عمارة يسقط ثعلبة صاحب
الاذان . ومن بنى الابجر خدرة بن عوف
بن الحرث بن الخزرج عبدالله بن ربيع
ابن قيس بن عامر بن عباس الابجر . ومن
بنى أخيه خدارة بن عوف عقبة بن
عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة بن
عطية بن خدارة بن عوف بن الحرث
أبومسعود وكان أحدثهم سنا ، وابن
إسحق يسقط منه عطية ، وأسيرة عنده بالياء
يسيرة وذكرها الدارقطنى وأبوبكر
الخطيب عن ابن اسحق نسيرة بالنون المضمومة
ووهم الامير وابن عبدالبر من قال
ذلك ، وأما ابن عقبة فقال أسيرة بفتح الهمزة
وكذلك اختلفوا في تقييد عسيرة فمنهم
من يفتح العين ويكسر السين ومنهم من
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " يزيد "
ولعله خطأ . ( * )
ـ221ـ
يفتح السين وبضم العين ، وخدارة
منهم من يقولها بالجيم ومنهم من يقولها
بالخاء
............................................................................
- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 221 سطر 1 الى
ص 230 سطر 23
يفتح السين وبضم العين ، وخدارة
منهم من يقولها بالجيم ومنهم من يقولها
بالخاء
المعجمة والذين يقولونها بالجيم
منهم من يضمها ومنهم من يكسرها . ومن بنى زريق
ابن عبد حارثة رافع بن مالك بن
العجلان ذكوان بن عبد قيس عباد بن قيس
ابن عامر بن خالد بن عامر بن زريق
بدل الحرث بن قيس بن خالد بن مخلد بن
عامر بن زريق وعند ابن الكلبى خلدة
بدل خالد . ومن بنى بياضة بن عامر بن
زريق زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان
بن عامر بن عدى بن أمية بن بياضة فروة
ابن عمرو بن ودقة بن عبيد بن عامر بن
بياضة خالد بن قيس بن مالك بن العجلان
ابن عامر بن بياضة . ومن بنى سلمة ثم
من بنى عبيد البراء بن معرور وابنه بشر
سنان بن صيفى بن صخر بن خنساء بن
سنان بن عبيد الطفيل بن النعمان بن
خنساء بن سنان بن عبيد . قال ابن سعد
لا أحسبه إلا وهما ومعقل ويزيد ابنا
المنذر بن سرح بن خناس بن سنان بن
عبيد ومسعود بن يزيد بن سبيع بن
خنساء بن سنان بن عبيد والضحاك بن
حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد ويزيد بن
خدام - وبعضهم يقول حرام - بن سبيع بن
خنساء بن سنان بن عبيد ، وجبار ( 1 ) بن
صخر بن امية بن خنساء بن سنان بن
عبيد ويقال خناس والطفيل بن مالك بن
خنساء بن سنان بن عبيد . ومن بنى سلمة
أيضا ثم من بنى سواد ثم من بنى كعب
ابن سواد كعب بن مالك بن أبى كعب بن
القين ، وعند غيره كعب بن أبى
كعب بن عمرو بن القين بن كعب بن سواد
رحل . ومن بنى غنم بن سواد قطبة
ابن عامر بن حديدة وأخوه يزيد بن
عمرو بن حديدة أبواليسر كعب بن عمرو
ابن عباد بن عمرو بن غنم صيفى بن
سواد بن عباد المذكور خمسة . ومن بنى نابى
ابن عمرو بن سواد ثعلبة بن غنمة بن
عدى بن نابى أخوه عمر وعبس بن عامر
ابن عدى بن نابى خالد بن عمرو بن عدى
بن نابى عبدالله بن أنيس بن أسعد
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الجيم والباء
الموحدة المشددة . ( * )
ـ222ـ
ابن حرام بن حبيب بن مالك بن غنم بن
كعب بن تيم بن بهثة بن ناشزة بن
يربوع بن البرك وبرة والبرك دخل في
جهينة حليف لهم . وعند أبى عمر تيم بن نفاثة ( 1 )
ابن اياس بن يربوع خمسة وعامر بن
نابى أبوعقبة المذكور في العقبة الاولى
ذكره ابن الكلبى ، وعمير بن عامر بن
نابى شهد المشاهد كلها قاله ابن الكلبى ،
قال الدمياطى ولم أر من تابعه على
ذكر عمير في الصحابة . ومن بنى سلمة ثم من
بنى حرام عبدالله بن عمرو بن حرام
ابنه جابر ثابت بن الجذع ( 2 ) ثعلبة بن زيد
ابن الحرث بن حرام عمير وقيل عمرو بن
الحرث بن ثعلبة بن الحرث بن حرام ،
وابن هشام يقول لبدة بدل ثعلبة عمرو
بن الجموح بن زيد بن حرام ابنه معاذ .
ولم يذكر ابن إسحق عمر لخديج بن
سلامة بن أوس بن عمرو بن كعب بن
القراقر بن الضحيان أبوشبات ( 3 )
حليف لهم من قضاعة سبعة . ومن بنى أدى بن
سعد أخى سلمة بن سعد معاذ بن جبل بن
عمرو بن أوس بن عائذ بن عدى بن
كعب بن عمرو بن أدى عداده في بنى
سلمة لانه كان أخا سهل بن محمد بن الجند
ابن قيس بن صخر بن سنان بن عبيد لامه
. ومن بنى غنم بن عوف أخى سالم
الحبلى عبادة بن الصامت العباس بن
عبادة بن نضلة يزيد بن ثعلبة البلوى
حليفهم عمرو بن الحرث بن لبدة بن
عمرو بن ثعلبة مالك بن الدخشم بن مالك
ابن الدخشم بن مرضخة بن غنم
وأبومعشر ينكر شهوده العقبة خمسة وهم من
القواقل . ومن بنى الحبلى سالم رفاعة
بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن
مالك بن سالم وابنه مالك بن رفاعة
ذكره الاموى ، وعقبة بن وهب بن كلدة بن
الجعد بن هلال بن الحارث بن عمرو بن
عدى بن جشم بن عوف بن بهثة بن
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم النون وثاء مثلثة .
( 2 ) بكسر الجيم وسكون الذال .
( 3 ) الضحيان بفتح الضاد وسكون الحاء
، ابن شباث بضم الشين وفتح الباء . ( * )
ـ223ـ
عبدالله بن غطفان بن سعد بن قيس
عيلان حليف لهم ثلاثة . ومن بنى ساعدة
سعد بن عبادة المنذر بن عمرو
والمرأتان من بنى مازن بن النجار نسيبة بنت
كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو
بن غنم بن مازن أم عمارة . ومن
بنى سلمة أم منيع أسماء بنت عمرو بن
عدى بن نابى . قال أبوعمر وقد ذكر بعض
أهل السير فيهم أوس بن عباد بن عدى
في بنى سلمة .
( ذكر فوائد تتعلق بخبر هذه العقبة )
قول البراء نمنعك مما نمنع منه
أزرنا : العرب تكنى عن المرأة بالازار وتكنى
به أيضا عن النفس وتجعل الثوب عبارة
عن لابسه ويحتمل هنا الوجهين . قاله
السهيلى . قال ومعرور معناه مقصود
ورأيت بخط جدى أبى بكر محمد بن احمد رحمه
الله : البراء في اللغة ممدود : آخر
ليلة من الشهر وبها سمى البراء بن معرور وكانت
العرب تسمى بما تسمعه حال ولادة
المولود . قلت وابنه بشر بن البراء الذى
سوده رسول الله صلى الله عليه وسلم
على بنى سلمة كما ذكر ابن اسحق وكما أنبأنا
محمد بن أبى الفتح الصورى بقراءة
الحافظ أبى الحجاج المزى عليه وأنا أسمع
أخبركم أبوالقاسم بن الحرستانى
قراءة عليه وأنتم تسمعون فأقر به قال أنا أبو
الحسن بن قبيس قال أنا أبوالحسن بن
أبى الحديد قال أنا جدى أبوبكر قال
أنا أبوبكر محمد بن جعفر الخرائطى
ثنا أبوبكر احمد بن منصور الرمارى ثنا عبد
الرزاق قال أنا معمر عن الزهرى عن
أبى بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال لبنى ساعدة من
سيدكم قالوا جد بن قيس قال بم سودتموه
ـ224ـ
قالوا انه أكثرنا مالا وانا على ذلك
لنزنه ( 1 ) بالبخل فقال النبى صلى الله عليه
وسلم وأى داء
أدوا من البخل قالوا فمن قال سيدكم
بشر بن البراء بن معرور وكان أول من استقبل
القبلة ( 2 ) حيا وميتا وكان يصلى إلى
الكعبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى
إلى بيت المقدس فأطاع النبى صلى
الله عليه وسلم فلما حضره الموت قال لاهله
استقبلوا بى الكعبة كذا روينا في
هذا الخبر . وروينا عن عمرو بن دينار ومحمد
ابن المنكدر والشعبى من طريق ابن
سعد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بل
سيدكم الجعد الابيض عمرو بن الجموح .
وذكره السهيلى عن الزهرى ، والذى وقع لنا
عن الزهرى كرواية ابن اسحق وأنشد
أبوعمر ( 3 ) في ذلك لشاعر الانصار :
وقال رسول الله والحق قوله * لمن قال
منا من تعدون سيدا
فقلنا له جد بن قيس على التى * نبخله
فيها وما كان أسودا
فسود عمرو بن الجموح لجوده * وحق
لعمرو بالندى أن يسودا
في أبيات ذكرها .
وقد بقى علينا في الخبر الذى
أسندناه آنفا موضعان ينبغى التنبيه عليهما
أحدهما قوله لبنى ساعدة وليس بشئ
ليس في نسب هؤلاء ساعدة هم بنو سلمة
ابن سعد بن على بن أسد بن ساردة بن
تزيد بن جشم بن الخزرج . والثانى قوله
في بشر بن البراء وكان أول من استقبل
الكعبة حيا وميتا وإنما ذلك أبوالبراء
غير شك . كذلك رويناه فيما سلف وكذلك
رويناه عن أبى عروبة ثنا ابن
شبيب ثنا عبدالرزاق قال أنا معمر
قال قال الزهرى : البراء بن معرور أول من
استقبل القبلة حيا وميتا . وذكر يزيد
بن خزام هو عند ابن اسحق وعند موسى
* ( هامش ) * ( 1 ) اى : نتهمه .
( 2 ) في نسخة " الكعبة " .
( 3 ) في الاصل " أبوعمرو " . ( * )
ـ225ـ
ابن عقبة يزيد بن خدارة وعند أبى عمر
يزيد بن حرام ويزيد بن خزمة - بسكون
الزاى عند ابن اسحق وابن الكلبى
وفتحها الطبرى - وهو يزيد بن ثعلبة
ابن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة -
بفتح العين وتشديد الميم . وفروة بن
عمرو بن وذقة عند ابن اسحق بالذال
المعجمة وقال ابن هشام بالدال المهملة ورجحه
السهيلى فسر الودقة بالروضة
الناعمة . وقال وإنما جعل النبى صلى الله عليه
وسلم
النقباء اثنى عشر اقتداء بقوله
سبحانه في قوم موسى ( وبعثنا منهم اثنى عشر
نقيبا ) وقوله يا أهل الجباجب يعنى
منازل منى . وأزب العقبة شيطان . وقوله بل
الدم الدم والهدم الهدم : قال ابن
هشام الهدم بفتح الدال ، وقال ابن قتيبة
كانت العرب تقول عند عقد الحلف
والجوار دمى دمك وهدمى هدمك أى
ما هدمت من الدماء هدمته أنا قال
ويقال ايضا بل اللدم اللدم والهدم الهدم
وأنشد :
* ثم الحقى بهدمى ولدمى * فاللدم جمع
لادم وهم أهله الذين يلتدمون عليه إذا مات
وهو من لدمت صدره إذا ضربته . والهدم
قال ابن هشام الحرمة وإنما كنى عن
حرمة الرجل وأهله بالهدم لانهم
كانوا أهل نجعة وارتحال ولهم بيوت يستخفونها
يوم ظعنهم فكلما ظعنوا هدموها ،
والهدم بمعنى المهدوم كالقبض ثم جعلوا
الهدم وهو البيت المهدوم عبارة عما
حوى ثم قالوا هدمى هدمك أى رحلتى رحلتك .
ـ227ـ
( ذكر الهجرة إلى المدينة )
قال ابن اسحق فلما تمت بيعة هؤلاء
لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة
العقبة وكانت سرا عن كفار قومهم
وكفار قريش أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كان معه بالهجرة إلى
المدينة فخرجوا أرسالا أولهم فيما قيل
أبوسلمة
ابن عبدالاسد المخزومى وحبست عنه
امرأته أم سلمة هند بنت أبى أمية بن
المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن
مخزوم بمكة نحو سنة ثم أذن لها بنو المغيرة
الذين
حبسوها في اللحاق بزوجها فانطلقت
وحدها مهاجرة حتى إذا كانت بالتنعيم لقيت
عثمان بن طلحة أخا بنى عبد الدار
وكان يومئذ مشركا فشيعها حتى أوفى على قرية
بنى عمرو بن عوف بقباء قال لها هذا
زوجك في هذه القرية ثم انصرف راجعا
إلى مكة فكانت تقول ما رأيت صاحبا قط
كان أكرم من عثمان بن ابى طلحة .
وقد قيل إن أول المهاجرين مصعب بن
عمير . روينا عن أبى عروبة ثنا ابن بشار
وابن المثنى قالا ثنا محمد بن جعفر
ثنا شعبة عن أبى اسحق قال سمعت البراء
يقول كان أول من قدم المدينة من
أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير
ثم عامر
ابن ربيعة حليف بنى عدى بن كعب معه
امرأته ليلى بنت أبى حثمة بن غانم .
قال أبوعمر وهى أول ظعينة دخلت من ا
لمهاجرات المدينة . وقال موسى بن عقبة
وأول امرأة دخلت المدينة أم سلمة ثم
عبدالله بن جحش بن رئاب بأهله وأخيه
عبد بن جحش أبى أحمد وكان ضريرا وكان
منزلهما ومنزل أبى سلمة وعامر على
مبشر بن عبدالمنذر بن زنبر بقباء في
بنى عمرو بن عوف . قال أبوعمر وهاجر
ـ228ـ
جميع بنى جحش بنسائهم فعدا أبوسفيان
على دارهم فتملكها وكانت الفارعة بنت
أبى سفيان بن حرب تحت أبى احمد بن
جحش ، وزاد غير أبى عمر فباعها من عمرو
ابن علقمة أخى بنى عامر بن لؤى فذكر
ذلك عبدالله بن جحش لما بلغه رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضى يا
عبدالله
أن يعطيك الله بها دارا في الجنة
خيرا منها قال بلى قال فذلك لك فلما افتتح
رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة
كلمه أبواحمد في دارهم فأبطأ عليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال الناس لابى
احمد يا أبا احمد إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يكره أن ترجعوا في شئ أصيب
منكم في الله فأمسك عن كلام
رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رجع إلى خبر ابن إسحق : وكان بنو غنم
بن دودان أهل اسلام قد أوعبوا ( 1 ) إلى
المدينة مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم هجرة رجالهم ونساءهم عكاشة بن محصن
ابن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير بن
غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة أبو
محصن حليف بنى أمية وأخوه عمرو بن
محصن وشجاع وعقبة ابنا وهب بن ربيعة
ابن أسد بن صهيب بن مالك بن كبير بن
غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة
وأربد بن جميرة - وقال ابن هشام
حميرة بالحاء وهو عند ابن سعد حمير - ومنقذ بن
نباتة بن عامر بن غنم بن دودان ( 2 )
وسعيد بن رقيش ومحرز بن نضلة بن عبدالله
ابن مرة بن كبير بن غنم وزيد بن رقيش
وقيس بن جابر ومالك بن عمرو وصفوان
ابن عمرو وثقف بن عمرو حليف بنى عبد
شمس وربيعة بن أكتم بن سخبرة
ابن عمرو بن لكيز بن عامر بن غنم بن
دودان بن أسد والزبير بن عبيدة وتمام
ابن عبيدة وسخبرة بن عبيدة ومحمد بن
عبدالله بن جحش . ومن نسائهم زينب
* ( هامش ) * ( 1 ) أى : خرجوا جميعهم .
( 2 ) في نسخة زيادة " ابن اسد " . (
* )
ـ229ـ
بنت جحش وام حبيبة بنت جحش وجدامة
بنت جندل وأم قيس بنت محصن
وأم حبيبة بنت ثمامة وآمنة بنت رقيش
وسخبرة بنت تميم وحمنة بنت جحش .
وقال ابوعمر ثم خرج عمر بن الخطاب
وعياش بن أبى ربيعة في عشرين راكبا
فقدموا المدينة فنزلوا في العوالى
في بنى أمية بن زيد وكان يصلى بهم سالم مولى
أبى حذيفة وكان أكثرهم قرآنا وكان
هشام بن العاص بن وائل قد أسلم وواعد
عمر بن الخطاب أن يهاجر معه وقال
تجدنى أو أجدك عند إضاءة بنى غفار ففطن
لهشام قومه فحبسوه عن الهجرة . ثم إن
أبا جهل والحرث بن هشام - ومن الناس
من يذكر معهما أخاهما العاصى بن
هشام - خرجا حتى قدما المدينة ورسول الله صلى
الله عليه وسلم بمكة فكلما عياش بن
أبى ربيعة وكان أخاهما لامهما وابن عمهما
وأخبراه أن أمه قد نذرت أن لا تغسل
رأسها ولا تستظل حتى تراه فرقت نفسه
وصدقهما وخرج راجعا معهما فكتفاه في
الطريق وبلغا به مكة فحبساه بها إلى
أن خلصه الله تعالى بعد ذلك بدعاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم له في قنوت
الصلاة اللهم أنج الوليد بن الوليد
وسلمة بن هشام وعياش بن أبى ربيعة . قال
ابن إسحق فحدثنى بعض آل عياش بن أبى
ربيعة أنهما حين دخلا مكة دخلا
به نهارا موثقا ثم قالا يا أهل مكة
هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا
.
قال ابن هشام وحدثنى من أثق به أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو
بالمدينة من لى بعياش بن أبى ربيعة
وهشام بن العاص فقال الوليد بن الوليد بن
المغيرة أنا لك يا رسول الله بهما
فخرج إلى مكة فقدمها مستخفيا فلقى امرأة تحمل
طعاما فقال لها أين تريدين يا أمة
الله قالت أريد هذين المحبوسين تعنيهما
فتبعها
حتى عرف موضعهما وكانا محبوسين في
بيت لا سقف له فلما أمسى تسور عليهما
ثم أخذ مروة فوضعها تحت قيديهما ثم
ضربهما بسيفه فقطعهما فكان يقال السيف
ذو المروة لذلك ثم حملهما على بعيره
وساق بهما فعثر فدميت أصبعه فقال :
ـ230ـ
هل أنت إلا أصبع دميت * وفى سبيل الله
مالقيت
ثم قدم بهما على رسول الله صلى الله
عليه وسلم المدينة . قال ابن اسحق ونزل عمر بن
الخطاب حين قدم المدينة ومن لحق به
من أهله وقومه وأخوه زيد بن الخطاب
وعمرو و عبدالله ابنا سراقة ابنا
المعتمر بن أنس بن اداة بن رياح بن عبدالله بن
قرط بن رزاح بن عدى بن كعب وخنيس بن
حذافة السهمى وكان صهره على
ابنته حفصة بنت عمر بن الخطاب خلف
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعده وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل
وواقد بن عبدالله التميمى حليف لهم
وخولى بن أبى خولى ومالك بن أبى خولى
واسم أبى خولى عمرو بن زهير قيل
جعفى وقيل عجلى وقيل غير ذلك حليفان
لهم وبنو البكير اربعتهم إياس وعاقل
وعامر وخالد حلفاؤهم من بنى سعد بن
ليث على رفاعة بن عبدالمنذر بن زنبر في
بنى عمرو بن عوف بقباء وقد كان منزل
عياش بن أبى ربيعة معه عليه حين قدما
المدينة ثم تتابع المهاجرون فنزل
طلحة بن عبد الله وصهيب بن سنان على خبيب
ابن اساف ويقال بل نزل طلحة على سعد
بن زرارة أخى بنى النجار كذا قال
ابن سعد وإنما هو أسعد . قال ابن هشام
وقد ذكر لى عن أبى عثمان النهدى أنه
قال بلغنى أن صهيبا حين أراد الهجرة
قال له كفار قريش أتيتنا صعلوكا حقيرا
فكثر مالك عندنا وبلغت الذى بلغت ثم
تريد أن تخرج بمالك ونفسك لا والله
لا يكون ذلك فقال لهم صهيب أرأيتم ان
جعلت لكم مالى أتخلون سبيلى قالوا نعم
فقال فانى قد جعلت لكم فبلغ ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال ربح
صهيب ربح صهيب . قال ابن اسحق ونزل
حمزة بن ع بدالمطلب وزيد بن حارثة
وأبومرثد كناز بن الحصين بن يربوع
بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن
طريف بن جلان بن غنم بن غنى بن يعصر
الغنوى كذا ذكره أبوعمر عن ابن اسحق .
وأما ابن الرشاطى فقال حصين بن عمرو
بن يربوع بن طريف بن خرشة بن
ـ231ـ
عبيد بن سعد بن عوف بن كعب بن جبلان
بن غنم بن غنى وابنه مرثد وأنسة
............................................................................
- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 231 سطر 1 الى
ص 240 سطر 20
عبيد بن سعد بن عوف بن كعب بن جبلان
بن غنم بن غنى وابنه مرثد وأنسة
وأبوكبشة موليا رسول الله صلى الله
عليه وسلم على كلثوم بن هدم أخى بنى عمرو
ابن عوف بقباء ويقال بل نزلوا على
سعد بن خيثمة ويقال بل نزل حمزة بن
ع بدالمطلب على أسعد بن زرارة ونزل
عبيدة بن الحرث وأخواه الطفيل والحصين
ومسطح بن أثاثة واسمه عمرو بن أثاثة
بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن
قصى وسويبط بن سعد بن حرملة وطليب بن
عمير وخباب مولى عتبة بن غزوان
على عبدالله بن سلمة أخى بنى
العجلان بقباء ونزل عبدالرحمن بن عوف في
رجال من المهاجرين على سعد بن
الربيع ونزل الزبير بن العوام وأبوسبرة بن
أبى رهم على منذر بن محمد بن عقبة بن
أحيحة بن الجلاح ونزل مصعب بن عمير
على سعد بن معاذ ونزل أبوحذيفة بن
عتبة وسالم مولى أبى حذيفة وعتبة بن غزوان
على عباد بن بشر بن وقش ونزل عثمان
بن عفان على أوس بن ثابت أخى حسان
ويقال بل نزل الاعزاب من المهاجرين
على سعد بن خيثمة وذلك أنه كان عزبا
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن
يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه أحد
من المهاجرين إلا من حبس أو افتتن
إلا على بن أبى طالب وأبوبكر ، وكان
أبوبكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى
الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له
لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا فيطمع
أبوبكر أن يكون هو . ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) هنا في هامش الاصل "
بلغ مقابلة لله الحمد " . ( * )
ـ233ـ
( ذكر يوم الزحمة )
قال ابن اسحق : ولما رأت قريش أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قد كانت
له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم
ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين اليهم
عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا
منعة فحزروا خروج رسول الله صلى الله عليه
وسلم اليهم وعرفوا أنه قد أجمع
لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة وهى دار قصى
ابن كلاب التى كانت قريش لا تقضى
أمرا إلا فيها يتشاورون فيها ما يصنعون في
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين خافوه : فحدثنى من لا أتهم من أصحابنا
عن عبدالله بن أبى نجيح عن مجاهد بن
جبر أبى الحجاج وغيره ممن لا أتهم عن
عبدالله بن عباس قال لما اجتمعوا
لذلك واتعدوا أن يدخلوا دار الندوة ليتشاوروا
فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم غدوا في اليوم الذى اتعدوا له وكان
ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم
ابليس لعنه الله في هيئة شيخ جليل عليه
بت ( 1 ) له فوقف على باب الدار فلما
رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ قال شيخ
من
أهل نجد سمع بالذى اتعدتم له فحضر
معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه
رأيا ونصحا قالوا أجل فادخل فدخل
معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش من بنى
عبد شمس عتبة بن ربيعة وشيبة بن
ربيعة وأبوسفيان بن حرب . ومن بنى نوفل
ابن عبد مناف طعيمة بن عدى وجبير بن
مطعم والحرث بن عمرو بن نوفل .
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الباء الموحدة هو
الكساء الغليظ المربع ، وقيل الطيلسان من خز
ونحوه ، وقيل كساء من الصوف . ( * )
ـ234ـ
ومن بنى عبد الدار بن قصى النضر بن
الحرث بن كلدة . ومن بنى أسد بن عبد
العزى أ بوالبخترى بن هشام وزمعة بن
الاسود وحكيم بن حزام . ومن بنى مخزوم
أبوجهل بن هشام . ومن بنى سهم نبيه
ومنبه ابنا الحجاج . ومن بنى جمح أمية
ابن خلف أو من كان منهم وغيرهم ممن
لا يعد من قريش فقال بعضهم لبعض إن
هذا الرجل قد كان من أمره ما قد
رأيتم وإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا
بمن
قد اتبعه من غيرنا فاجمعوا فيه رأيا
قال فتشاوروا ثم قال قائل منهم احبسوه في
الحديد واغلقوا عليه بابا ثم تربصوا
به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا
قبله زهير والنابغة ومن مضى منهم من
هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم قال الشيخ
النجدى لا والله ما هذا لكم برأى
والله لو حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من
وراء الباب الذى أغلقتم دونه إلى
أصحابه فلاوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه
من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى
يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأى فانظروا
إلى
غيره فتشاوروا ثم قال قائل منهم
نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فاذا
خرج
عنا فوالله ما نبالى أين ذهب ولا حيث
وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا
وألفتنا كما كانت ، قال الشيخ
النجدى والله ما هذا لكم برأى ألم تروا حسن
حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب
الرجال بما يأتى به والله لو فعلتم ذلك ما
أمنت
أن يحل على حى من العرب فيغلب بذلك
عليهم من قوله وحديثه حتى يبايعوه ثم
يسير بهم اليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ
أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد أدبروا
فيه رأيا غير هذا قال فقال أبوجهل بن
هشام والله إن لى فيه لرأيا ما أراكم وقعتم
عليه بعد قالوا وما هو يا أبا الحكم
؟ قال أرى أن تأخذوا من كل قبيلة فتى شابا
جلدا نسيبا وسيطا ثم نعطى كل فتى
منهم سيفا صارما ثم يعمدوا اليه فيضربوه
بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح
منه فانهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل
جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب
قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه
ـ235ـ
لهم قال يقول الشيخ النجدى القول ما
قال هذا الرجل هذا الرأى ولا أرى غيره
فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك
الذى كنت تبيت عليه قال فلما كانت عتمة
من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه
حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله
صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلى
بن أبى طالب نم على فراشى وتسج ( 1 ) ببردى
هذا الحضرمى الاخضر فنم عليه فانه
لن يخلص اليك شئ تكرهه منهم وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام
في برده ذلك إذا نام . فحدثنى يزيد بن زياد
عن محمد بن كعب القرظى قال لما
اجتمعوا وفيهم أبوجهل بن هشام فقال وهم على
بابه إن محمدا يزعم أنكم إن
تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم
بعثتم
من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان
الاردن وان لم تفعلوا كان له فيكم ذبح
ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار
تحرقون فيها قال وخرج عليهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة
من تراب في يده ثم قال نعم أنا اقول ذلك وأنت
أحدهم
وأخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه
فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو
هذه الآيات ( يس والقرآن الحكيم إنك
لمن المرسلين على صراط مستقيم ) إلى
قوله ( فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) حتى
فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من
هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا
وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث
أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن
معهم فقال وما تنتظرون هاهنا قالوا محمدا
قال قد خيبكم الله قد والله خرج
عليكم محمد ثم ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على
رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما
ترونها بكم قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه
فاذا عليه تراب ثم جعلوا يطلعون
فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيقولون
والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم
يزالوا كذلك حتى
* ( هامش ) * ( 1 ) أى : تغط . ( * )
ـ236ـ
أصبحوا فقال على على الفراش فقالوا
والله لقد صدقنا الذى كان حدثنا فكان مما
أنزل الله من القرآن في ذلك ( وإذ
يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك
أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله
خير الماكرين ) وقول الله تعالى ( أم يقولون
شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا
فانى معكم من المتربصين ) .
ـ237ـ
( ذكر فوائد تتعلق بهذه الاخبار )
قوله بقباء ( 1 ) هو مسكن بنى عمرو بن
عوف على فرسخ من المدينة ويمد ويقصر
ويؤنث ويذكر ويصرف ولا يصرف . وذكر
في مهاجرى بنى دودان بن أسد بنات
جحش بن رئاب وهن زينب وكان اسمها برة
فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب
وهى التى كانت عند زيد بن حارثة
ونزلت فيها ( فلما قضى زيد منها وطرا
زوجناكها ) وحمنة بنت جحش وهى التى
كانت تحت عبدالرحمن بن عوف
وأم حبيبة ، وقال السهيلى أم حبيب ،
وحكاه أبوعمر وقال هو قول أكثرهم ،
وكان شيخنا الحافظ أبومحمد
عبدالمؤمن بن خلف الدمياطى رحمه الله يقول أم
حبيب حبيبة ، وأما الحافظ أبوالقاسم
بن عساكر فعنده أم حبيبة واسمها حمنة
فهما اثنتان على هذا فقط ولم أجد في
جمهرة ابن الكلبى وكتاب أبى محمد بن حزم
في النسب غير زينب وحمنة ، والسهيلى
يقول كانت زينب عند زيد بن حارثة
وأم حبيب تحت عبدالرحمن بن عوف
وحمنة تحت مصعب بن عمير . قال ووقع
في الموطأ وهم أن زينب كانت تحت
عبدالرحمن بن عوف ولم يقله أحد والغلط
لا يسلم منه بشر غير أن شيخنا أبا
عبدالله محمد بن نجاح أخبرنا أن أم حبيب
كان اسمها زينب فهما زينبان غلبت
على إحداهما الكنية فعلى هذا لا يكون في
حديث الموطأ وهم . وذكر جدامة بنت
جندل - وهى بالدال المهملة ومن أعجمها
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم القاف . ( * )
ـ238ـ
فقد صحف - قال السهيلى وأحسبها جدامة
بنت وهب . قلت جدامة بنت جندل
غير معروفة والذى ذكره أبوعمر جدامة
بنت وهب أسلمت بمكة وهاجرت مع
قومها إلى المدينة لا يعرف غير ذلك .
وذكر في المهاجرين محرر بن نضلة وابن
عقبة يقول فيه محرز بن وهب . وذكر في
خبر يوم الزحمة تشاور قريش في أمره
عليه السلام ولم يسم المشيرين وكان
الذى أشار بحبسه أ بوالبخترى بن هشام
والذى أشار باخراجه ونفيه هو
أبوالاسود ربيعة بن عمير أخو بنى عامر بن لؤى
ذكره السهيلى عن ابن سلام .
ـ239ـ
( أحاديث الهجرة وتوديع رسول الله
صلى الله عليه وسلم مكة )
قرأت على أبى حفص عمر بن عبد المنعم
بعربيل من غوطة دمشق أخبركم
أبوالقاسم عبدالصمد بن محمد
الانصارى حضورا في الرابعة قال انا أبوالحسن
السلمى قال انا ابونصر الحسين بن
محمد بن احمد بن طلاب الخطيب قال انا ابن
جميع ثنا ابراهيم بن معاوية ثنا
عبدالله بن سليمان ثنا نصر بن عاصم ثنا الوليد
ثنا طلحة عن عطاء عن ابن عباس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله
إنى لاخرج منك وإنى لاعلم أنك احب
بلاد الله إلى الله وأكرمها على الله تعالى
ولولا أن اهلك اخرجونى منك ما خرجت
منك . وكان أبوبكر يستأذنه عليه السلام
في الهجرة فيثبطه ليكون معه من غير
أن يصرح له بذلك كما اخبرنا الامام أبو
عبدالله محمد بن ابراهيم المقدسى
بقراءة والدى عليه وأنا حاضر في الرابعة وأبو
عبدالله محمد بن عبدالمؤمن بقراءتى
عليه بظاهر دمشق قالا أخبرنا أبوملاعب
قال أنا الارموى قال أنا يوسف بن
محمد بن احمد قال أنا أبوعمر بن مهدى قال
أنا ابن مخلد ثنا ابن كرامة ثنا
ابوأسامة عن هشام عن ابيه عن عائشة رضى الله
عنها قالت استأذن ابوبكر في الخروج
من مكة حين اشتد عليه فقال له رسول
الله صلى الله عليه وسلم أقم فقال يا
رسول الله اتطمع ان يؤذن لك فيقول إنى لارجو
ذلك
فانتظره أبوبكر ثم أتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم آت يوم ظهرا فناداه فقال
اخرج من عندك فقال يا رسول الله إنما
هنا ابنتاى قال شعرت أنه قد أذن لى في
الخروج فقال يا رسول الله الصحبة
فقال الصحبة قال يا رسول الله عندى ناقتان قد
ـ240ـ
أعدتهما للخروج فأعطى النبى صلى
الله عليه وسلم احداهما وهى الجدعاء فركبها
فانطلقا حتى أتيا الغار وهو بثور
فتواريا فيه وكان عامر بن فهيرة غلاما لعبدة
بن
الطفيل وهو أخو عائشة لامها وكانت
لابى بكر منحة ( 1 ) فكان يروح بها ويغدو
عليها ويصبح فيدلج اليهم ثم يسرح
ولا يفطن له أحد من الرعاء فلما خرجا خرج
معهما يعقبانه حتى قدم المدينة فقتل
عامر بن فهيرة يوم بئر معونة .
( حديث الغار )
قرأت على أبى الفتح الشيبانى بدمشق
أخبركم الحسن بن على بن الحسين بن
الحسن بن محمد بن البن الاسدى قراءة
عليه وأنت تسمع قال انا جدى قال انا
أبوالقاسم بن أبى العلاء قال انا
ابن أبى النصر قال انا خيثمة ثنا عبد
الله بن احمد الدورقى ثنا مسلم بن
ابراهيم ثنا عوف بن عمرو القيسى أخو رياح
القيسى ثنا أبومصعب المكى قال أدركت
أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة
ابن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبى
صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله
شجرة فنبتت في وجه النبى صلى الله
عليه وسلم فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين
فوقفتا بفم الغار وأقبل فتيان قريش
من كل بطن بعصيهم وهراويهم وسيوفهم حتى
إذا كانوا من النبى صلى الله عليه
وسلم على أربعين ذراعا تعجل بعضهم ينظر في
الغار فلم ير
إلا حمامتين وحشيتين بفم الغار فرجع
إلى أصحابه فقالوا له مالك قد رأيت
حمامتين وحشيتين فعرفت انه ليس فيه
أحد فسمع النبى صلى الله عليه وسلم ما قال
فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان الله عزوجل قد درأ عنه .
* ( هامش ) * ( 1 ) اى : غنم . ( * )
ـ241ـ
( حديث الهجرة ( 1 ) وخبر سراقة بن مالك
بن جعشم )
............................................................................
- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 241 سطر 1 الى
ص 250 سطر 22
( حديث الهجرة ( 1 ) وخبر سراقة بن مالك
بن جعشم )
روينا من طريق البخارى ثنا يحيى بن
بكير ثنا الليث عن عقيل قال ابن
هشام فأخبرنى عروة بن الزبير أن
عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت لم
أعقل أبوى إلا وهما يدينان الدين
ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله
صلى
الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة
وعشية فلما ابتلى المسلمون خرج أبوبكر مهاجرا
نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك
الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد الغارة فقال
أين تريد يا أبا بكر قال أبوبكر
أخرجنى قومى فأريد أن أسيح في الارض فأعبد
ربى قال ابن الدغنة فان مثلك يا أبا
بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم
وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف
وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار
فارجع فاعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل
مع ابن الدغنة فطاف ابن الدغنة عشية
في أشراف قريش فقال لهم إن أبا بكر
لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا
يكسب المعدوم ويصل الرحم ويتحمل
الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب
الحق فلم يكذب قريش بجوار ابن
الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد
ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما
شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فانا نخشى
أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك
ابن الدغنة لابى بكر فلبث أبوبكر بذلك
يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته
ولا يقرأ في غير داره ثم بدا لابى بكر فابتنى
مسجدا بفناء داره فكان يصلى فيه
ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا العنوان في نسخة ،
وفى نسخة اخرى ( ذكر الهجرة إلى المدينة ) . ( * )
ـ242ـ
وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون
اليه وكان ابوبكر رجلا بكاء لا يكاد يملك
عينيه إذا قرأ القرآن فأفزع ذلك
أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن
الدغنة فقدم عليهم فقالوا إنا كنا
اجرنا أبا بكر بجوارك على ان يعبد ربه في داره
فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء
داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد
خشينا ان يفتن نساءنا وأبناءنا بهذا
فان احب ان يقتصر على ان يعبد ربه في
داره فعل وإن أبى إلا ان يعلن بذلك
فسله ان يرد اليك ذمتك فانا قد كرهنا أن
نخفرك ولسنا مقرين لابى بكر
الاستعلان ، قالت عائشة فأتى ابن الدغنة إلى
أبى
بكر فقال قد علمت الذى عاقدت لك عليه
فاما ان تقتصر على ذلك وإما ان
ترجع إلى ذمتى فانى لا احب ان تسمع
العرب انى اخفرت في رجل عقدت له فقال
له أبوبكر فانى أرد اليك جوارك
وأرضى بجوار الله ، والنبى صلى الله عليه وسلم
يومئذ بمكة فقال النبى صلى الله
عليه وسلم للمسلمين إنى رأيت دار هجرتكم ذات
نخل بين
لابتين ، وهما الحرتان فهاجر من
هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض
الحبشة إلى المدينة وتجهز أبوبكر
قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم
على رسلك فانى أرجو أن يؤذن لى فقال
أبوبكر هل ترجو ذلك بأبى أنت قال نعم
فحبس أبوبكر نفسه على رسول الله صلى
الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين
عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة
أشهر . قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة
فبينا نحن جلوس يوما في بيت ابى بكر
في نحر الظهيرة قال قائل لابى بكر هذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم
متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال
أبوبكر فدى له أبى وأمى
والله ما جاء به في هذه الساعة إلا
أمر قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فاستأذن فأذن له
فدخل فقال النبى صلى الله عليه وسلم
لابى بكر أخرج من عندك فقال أبوبكر إنما هم
أهلك بأبى أنت
يا رسول الله قال فانه قد أذن لى في
الخروج فقال أبوبكر الصحابة بأبى أنت
يا رسول الله قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم نعم قال أبوبكر فخذ بأبى أنت
ـ243ـ
يا رسول الله احدى راحلتى هاتين قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بالثمن
قالت عائشة فجهزناهما أحت الجهاز
وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء
بنت أبى بكر قطعة من نطاقها فربطت به
على فم الجراب فبذلك سميت ذات
النطاقين قالت ثم لحق رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبوبكر بغار في جبل ثور
فمكثا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما
عبدالله بن أبى بكر وهو غلام شاب ثقف
لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع
قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا
يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما
بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما
عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منحة من
غنم فيريحها عليهما حين يذهب ساعة من
العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن
منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بهما عامر بن
فهيرة
بغلس يفعل في كل ليلة من تلك الليالى
الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأبوبكر من بنى الديل وهو من
بنى عبد بن عدى هاديا خريتا - والخريت
الماهر بالهداية - قد غمس حلفا في آل
العاص بن وائل السهمى وهو على دين كفار
قريش فأمناه فدفعا اليه راحلتيهما
وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فأتاهما ب
راحلتيهما
صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن
فهيرة والدليل فأخذ بهم على طريق
السواحل . قال ابن شهاب وأخبرنى
عبدالرحمن بن مالك المدلجى وهو ابن أخى
سراقة بن مالك بن جعشم ان أباه اخبره
أنه سمع سراقة بن مالك بن جعشم يقول
جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر دية
كل واحد لمن قتله أو أسره فبينما أنا
جالس في مجلس من مجالس قومى بنى مدلج
أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن
جلوس فقال يا سراقة إنى قد رأيت آنفا
أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه
قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت إنهم ليسوا
بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا
انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم
قمت فدخلت فأمرت جاريتى ان تخرج
بفرسى وهى من وراء اكمة فتحبسها على
ـ244ـ
وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت
فخططت بزجه ( 1 ) وخفضت عاليه حتى
أتيت فرسى فركبتها فرفعتها تقرب بى
حتى دنوت منهم فعثرت بى فرسى فخررت
عنها فقمت فأهويت بيدى إلى كنانتى
فاستخرجت منها الازلام فاستقسمت
بها اضربهم ام لا فخرج الذى اكره
فركبت فرسى وعصيت الازلام تقرب بى
حتى اذا سمعت قراءة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وابوبكر يكثر
الالتفات ساخت يدا فرسى في الارض
حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها
فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما
استوت قائمة اذا لاثر يديها عثان ساطع في
السماء مثل الدخان فاستقسمت
بالازلام فخرج الذى اكره فناديتهم بالامان
فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم ووقع
في نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس
عنهم ان سيظهر امر رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقلت له ان قومك جعلوا فيك
الدية واخبرتهم اخبار ما يريد الناس
بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآنى
ولم يسألانى الا ان قالا اخف عنا
فسألته ان يكتب لى كتاب امن فأمر عامر
ابن فهيرة فكتب لى في رقعة من أدم ثم
مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال ابن شهاب فأخبرنى عروة بن
الزبير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى
الزبير في ركب من المسلمين كانوا
تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول
الله صلى الله عليه وسلم وابا بكر
ثياب بياض . وسمع المسلمون بالمدينة خروج
رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة
فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة
فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة
فانقلبوا يوما بعد ما اطالوا انتظارهم فلما
أووا
إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على أطم
من آطامهم ( 2 ) لامر ينظر اليه فبصر رسول
الله صلى الله عليه وسلم واصحابه
مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودى
* ( هامش ) * ( 1 ) الزج الحديدة التى في
اسفل الرمح .
( 2 ) الاطم هو ببناء مرتفع . ( * )
ـ245ـ
ان قال بأعلى صوته يا معاشر ( 1 )
العرب هذا جدكم الذى تنتظرون فثار المسلمون
إلى
السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله
عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين
حتى نزل بهم في بنى عمرو بن عوف وذلك
في يوم الاثنين من شهر ربيع الاول
فقام ابوبكر للناس وجلس رسول الله
صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء
من الانصار ممن لم ير رسول الله صلى
الله عليه وسلم يحيى ابا بكر حتى اصابت
الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقبل ابوبكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف
الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم
عند ذلك فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بنى
عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس
المسجد الذى أسس على التقوى وصلى فيه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب
راحلته فسار يمشى معه الناس حتى بركت
عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم
بالمدينة وهو يصلى فيه يومئذ رجال من
المسلمين وكان مربدا ( 2 ) للتمر لسهل
وسهيل غلامين يتيمين في حجر سعد بن زرارة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين بركت به راحلته هذا ان شاء الله تعالى
المنزل ثم دعا رسول الله صلى الله
عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه
مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله
. وقع في البخارى في رواية ابى ذر عن ابى
الهيثم الكشميهنى عن الفربرى ( 3 )
هنا زيادة فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان يقبله منهما
هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا
فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل
معهم اللبن في بنائه ويقول وهو ينقل
اللبن :
هذا الحمال لا حمال خيبر * هذا ابر
ربنا واطهر
اللهم ان الاجر أجر الآخرة * فارحم
الانصار والمهاجرة
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " يا معشر
" .
( 2 ) المربد هو الموضع الذى يجعل فيه
التمر لينشف كالبيدر للحنطة .
( 3 ) في الاصل " القوبرى " . ( * )
ـ246ـ
تمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لى
. قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الاحاديث
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
تمثل ببيت شعر تام غير هذه الابيات . كذا وقع
في هذا
الخبر ان الذى كسا رسول الله صلى
الله عليه وسلم وابا بكر الزبير وذكر موسى
ابن عقبة انه طلحة بن عبيد الله في
خبر ذكره . وروينا من طريق البخارى ان
ابا بكر كان يسأل عن النبى صلى الله
عليه وسلم من هذا فيقول هذا الرجل يهدينى
الطريق قال فيحسب الحاسب انه يعنى
الطريق وانما يعنى سبيل الخير .
وروينا من طريق ابن اسحق انه عليه
السلام اعلم عليا بخروجه وأمره ان يتخلف
بعده حتى يؤدى عنه الودائع التى
كانت عنده للناس وانا ابا بكر خرج بماله كله
وهو فيما قيل خمسة آلاف او ستة آلاف
درهم . اخبرنا عبدالله بن احمد بن فارس
ويوسف بن يعقوب بن المجاور قراءه
على الاول وانا اسمع بالقاهرة وبقراءتى على
الثانى بسفح قاسيون قالا ثنا
ابواليمن الكندى قال اخبرنا هبة الله بن احمد
الحريرى قال انا ابوطالب العشارى
قال انا ابوالحسين بن سمعون ثنا عمر بن
الحسن بن على بن مالك قال انا يحيى
بن اسمعيل الجريرى ( 1 ) ثنا جعفر بن على ثنا
سيف عن بكر بن وائل عن الزهرى عن
عروة عن عائشة قالت قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما احد أمن على
في صحبته وذات يده من ابى بكر وما نفعنى
مال ما نفعنى مال ابى بكر ولو كنت
متخذا خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا . وجهل
اهل مكة الخبر عنهم إلى ان سمعوا
الهاتف يهتف بالشعر الذى فيه ذكر ام معبد
فعلموا انهم توجهوا نحو يثرب وانهم
قد نجوا منهم .
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الجيم وكسر الراء
نسبة إلى جرير بن عبدالله . ( * )
ـ247ـ
( حديث ام معبد ( 1 ) )
اخبرنا الشيخان ابوالفضل عبد
الرحيم بن يوسف المزى بقراءه والدى عليه
وا بوالهيجاء غازى بن ابى الفضل
بقراءتى عليه قالا انا ابن طبرزذ قال انا ابن
الحصين قال انا ابن غيلان قال انا
ابوبكر الشافعى ثنا محمد بن يونس القرشى
ثنا عبدالعزيز بن يحيى مولى العباس
بن ع بدالمطلب ثنا محمد بن سليمان بن سليط
الانصارى قال حدثنى ابى عن ابيه عن
جده ابى سليط وكان بدريا قال لما خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم في
الهجرة ومعه ابوبكر الصديق وعامر بن فهيرة
مولى ابى بكر وابن اريقط يدلهم على
الطريق مروا بأم معبد الخزاعية وهى لا تعرفهم
فقال لها يا ام معبد هل عندك من لبن
قالت لا والله وان الغنم لعازبة قال فما هذه
الشاة التى أرى لشاة رآها في كفاء
البيت قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال
اتأذنين في حلابها قالت لا والله ما
ضربها من فحل قط فشأنك بها فدعا بها فمسح
* ( هامش ) * ( 1 ) ذكر المؤلف خبر سراقة
بن مالك قبل قصة ام معبد ، وقد قال مغلطاى
في سيرته انه عليه السلام نزل بقديد
على ام معبد . . . فذكر قصتها ثم قال فلما
راحوا من قديد تعرض لهما سراقة بن
مالك المدلجى فذكر قصته . فالحاصل
ان الترتيب يقتضى ذكر قصة ام معبد
قبل قصة سراقة كما شرطه المؤلف في
اول سيرته ولعله فعل ذلك لان خبر
سراقة في الصحيح وحديث الهجرة لا ينفك
عنه . وحديث ام معبد ليس كذلك ولا هو
في الصحيح . ( * )
ـ248ـ
ظهرها وضرعها ثم دعا باناء يربض ( 1 )
الرهط فحلب فيه فملاه فسقى اصحابه عللا
بعد نهل ثم حلب فيه آخر فغادره عندها
وارتحل فلما جاء زوجها عند المساء قال
يا ام معبد ما هذا اللبن ولا حلوبة
في البيت والغنم عازبة ( 2 ) قالت لا والله الا
انه مر
بنا رجل ظاهر الوضاءة متبلج الوجه
في اشفاره وطف ( 3 ) وفى عينيه دعج ( 4 ) وفى صوته
صحل ( 5 ) غصن بين الغصنين لا تشنأه من
طول ولا تقتحمه من قصر لم تعبه ثجلة ( 6 ) ولم
تزره صعلة ( 7 ) كأن عنقه ابريق فضة
اذا صمت فعليه البهاء واذا نطق فعليه وقار
له كلام كخرزات النظم ازين اصحابه
منظرا واحسنهم وجها اصحابه يحفون به
اذا امر ابتدروا امره واذا نهى
ايتفقوا عند نهايته قال هذه والله صفة صاحب
قريش ولو رأيته لاتبعته ولاجتهدن ان
افعل . قال فلم يعلموا بمكة اين توجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وابوبكر
حتى سمعوا هاتفا على رأس ابى قبيس وهو يقول :
جزى الله خيرا والجزاء بكفه * رفيقين
قالا خيمتى ام معبد
هما رحلا بالحق وانتزلا به * فقد فاز
من امسى رفيق محمد
فما حملت من ناقة فوق رحلها * ابر
وأوفى ذمة من محمد
واكسى لبرد الحال قبل ابتذاله *
واعطى برأس السابح المتجرد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها
للمؤمنين بمرصد
* ( هامش ) * ( 1 ) اى : يرويهم حتى يناموا
ويمتدوا على الارض من ربض اى اقام .
( 2 ) اى : في المرعى البعيد .
( 3 ) اى : في شعر اجفانه طول .
( 4 ) اى : شدة سواد .
( 5 ) اى : غير حاد .
( 6 ) اى : ضخم بطن .
( 7 ) اى : صغر رأس . ( * )
ـ249ـ
وبه قال ابوبكر الشافعى حدثنا محمد
بن يحيى بن سليمان ثنا احمد بن محمد بن
ايوب ثنا ابراهيم بن سعد عن محمد بن
اسحق قال حدثت عن اسماء بنت ابى بكر
رضى الله عنهما انها قالت لما خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم اتانا نفر من
قريش فيهم ابوجهل بن هشام فوقفوا
على باب ابى بكر رضى الله عنه فخرجت
اليهم فقالوا اين ابوك يا بنت ابى
بكر قالت قلت والله لا ادرى اين ابى قالت
فرفع ابوجهل يده وكان فاحشا خبيثا
فلطم خدى لطمة خرم منها قرطى قالت ثم
انصرفوا فمضى ثلاث ليال ما ندرى اين
توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ
اقبل رجل من الجن من اسفل مكة يغنى
بأبيات غنى بها العرب وان الناس ليتبعونه
يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج
بأعلى مكة :
جزى الله رب الناس خير جزائه *
رفيقين قالا خيمتى ام معبد
هما نزلا بالهدى واغتدوا به * فأفلح
من امسى رفيق محمد
ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها
للمؤمنين بمرصد
قالت فلما سمعنا قوله عرفنا حيث
توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث .
وقد روينا حديث اسماء هذا متصلا من
حديث هشام بن عروة عن ابيه عن اسماء
اخبرناه عبدالله بن احمد بن فارس
قراءة عليه وانا اسمع بالقاهرة وابوالفتح
يوسف
ابن يعقوب الشيبانى بقراءتى عليه
بسفح قاسيون قالا انا ابواليمن زيد بن الحسن
الكندى قال انا ابوالقاسم هبة الله
بن احمد بن عمر الحريرى قال انا ابوطالب
محمد بن على بن الفتح قال انا
ابوالحسين محمد بن احمد ثنا عمر بن الحسن بن
على
ابن مالك الشيبانى قال انا يحيى بن
اسمعيل ثنا جعفر بن على ثنا سيف عن هشام
ابن عروة عن ابيه عن اسماء ابنة ابى
بكر رضى الله عنهما قالت ارتحل النبى صلى الله
عليه وسلم
وابوبكر فلبثنا اياما ثلاثة او
اربعة او خمس ليال لا ندرى اين توجه ولا
يأتينا
ـ250ـ
عنه خبر حتى اقبل رجل من الجن الحديث
بنحو ما تقدم . وروينا عن ابى بكر
الشافعى بالسند المتقدم ثنا بشر بن
انس ابوالخبر ثنا ابوهشام محمد بن سليمان
ابن الحكم بن ايوب بن سليمان بن زيد
بن ثابت بن يسار الكعبى الربعى الخزاعى
قال حدثنى عمى ايوب بن الحكم قال
الشافعى وحدثنى احمد بن يوسف بن يوسف
ابن تميم البصرى ثنا ابوهشام محمد
بن سليمان بقديد قال حدثنى عمى ايوب بن
الحكم عن حزام بن هشام عن ابيه هشام
عن جده حبيش بن خالد صاحب رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم خرج من مكة مهاجرا
إلى المدينة
فذكر نحو ما تقدم من خبر أبى سليط
وذكر الابيات وزاد فيها :
فيالقصى ما زوى الله عنكم * به من
فعال لا تجازى وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وإناتها * فانكم
إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت * عليه صريحا
ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها بحالب * ترددها
في مصدر ثم مورد
فلما سمع بذلك حسان بن ثابت قال
يجاوب الهاتف :
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم * وقدس من
يسرى اليهم ويغتدى
ترحل عن قوم فضلت عقولهم * وحل على
قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم * وأرشدهم
من يتبع الحق يرشد
وقد نزلت منه على أهل يثرب * ركاب هدى
حلت عليهم بأسعد
نبى يرى مالا يرى الناس حوله * ويتلو
كتاب الله في كل مسجد
وإن قال في يوم مقالة غائب *
فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده * بصحبته من
يسعد الله يسعد ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) في " مجمع الزوائد
" اختلافات وغلط يصحح مما جاء هنا . ( * )
ـ251ـ
واجتاز رسول الله صلى الله عليه
وسلم في وجهه ذلك بعبد يرعى غنما فكان
............................................................................
- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 251 سطر 1 الى
ص 260 سطر 18
واجتاز رسول الله صلى الله عليه
وسلم في وجهه ذلك بعبد يرعى غنما فكان
Example Post Template
تعليقات
إرسال تعليق