التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلسلة مبادئ الأخلاق في القرآن العظيم .. متجددة الجزء السادس ( 2 ) بعض آيات من سورة المائدة مبدأ القيادة والإستقلالية للأمة الإسلامية





 منتديات شبوة نت

يعد هذا الموقع أكبر موقع عربي للبرامج و شروحاتها ، وهو أحد مواقع شبكة منتديات مكتوب ، انضم الآن و احصل على فرصة استخدام و تحميل و تنزيل و تجريب افضل برامج وادوات الكمبيوتر.
+ الرد على الموضوع
صفحة 4 من 15 الأولىالأولى ... 2 3 4 5 6 14 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 19 إلى 24 من 87
  1. #19
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399

    الجزء السادس ( 2 ) بعض آيات من سورة المائدة
    مبدأ القيادة والإستقلالية للأمة الإسلامية
    وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ - 48 وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ - 49 أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ - 50
    ******** يقول تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ الذي هو القرآن العظيم، أفضل الكتب وأجلها. ﴿بِالْحَقِّ أي: إنزالا بالحق، ومشتملا على الحق في أخباره وأوامره ونواهيه.﴿مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ لأنه شهد لها ووافقها، وطابقت أخباره أخبارها، وشرائعه الكبار شرائعها، وأخبرت به، فصار وجوده مصداقا لخبرها. ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية. فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه. وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد والتحريف فهو مردود ومحرف.
    ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وهنا نلاحظ المركز القيادي لأمة الإسلام, حيث التكليف الإلهي بالحكم بشريعة الله التي هي العدل المطلق لصالح البشرية المعذبة التي تتخبط في الفساد والظلم والعدوان. فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ من الحكم الشرعي الذي أنزله الله عليك. ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ أي: لا تجعل اتباع أهوائهم الفاسدة المعارضة للحق بدلا عما جاءك من الحق . ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ أيها الأمم جعلنا ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا أي: سبيلا وسنة، وهذه الشرائع التي تختلف باختلاف الأمم، هي التي تتغير بحسب تغير الأزمنة والأحوال، وكلها ترجع إلى العدل في وقت شرعتها، وأما الأصول الكبار التي هي مصلحة وحكمة في كل زمان، فإنها لا تختلف، فتشرع في جميع الشرائع. ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً تبعا لشريعة واحدة، لا يختلف متأخرها ولا متقدمها. ﴿وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فيختبركم وينظر كيف تعملون، ويبتلي كل أمة بحسب ما تقتضيه حكمته، ويؤتي كل أحد ما يليق به، وليحصل التنافس بين الأمم فكل أمة تحرص على سبق غيرها، ولهذا قال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أي: بادروا إليها وأكملوها، فإن الخيرات الشاملة لكل فرض ومستحب، من حقوق الله وحقوق عباده. بالمبادرة إليها، وانتهاز الفرصة حين يجيء وقتها ويعرض عارضها، ثم الاجتهاد في أدائها كاملة على الوجه المأمور به.
    ويستدل بهذه الآية، على المبادرة لأداء الصلاة وغيرها في أول وقتها، وعلى أنه ينبغي أن لا يقتصر العبد على مجرد ما يجزئ في الصلاة وغيرها من العبادات من الأمور الواجبة، بل ينبغي أن يأتي بالمستحبات، التي يقدر عليها لتتم وتكمل، ويحصل بها السبق.
    ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. ﴿فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب أهل الباطل والعمل السيئ.
    ﴿ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
    وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم, .. قال تعالى: ﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم. ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها. ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ اي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك.
    ﴿فَإِن تَوَلَّوْا﴾ عن اتباعك واتباع الحق ﴿فَاعْلَمْ أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد ﴿أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه. ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله.
    ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ أي: أفيطلبون بتوليهم وإعراضهم عنك حكم الجاهلية ؟ وهو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله. فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهلية، وأما حكم الله تعالى فمبني على العلم، والعدل والقسط، والنور والهدى. ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز – بإيقانه - ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنه يتعين - عقلا وشرعا - اتباعه. واليقين، هو العلم التام الموجب للعمل.
    ******
    وفي الحديث القدسي لرب العزة
    عن النبي ، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا ...... الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2577 خلاصة الدرجة: صحيح
    *******
    وقد كان للصحابة رضي الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ولا يكون لأحد ممن بعدهم فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بني آدم . قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة . وساد العدل والرخاء في ظل شريعة الله ونعمت الدنيا بحكم الإسلام. فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم وهاب
    ****** فمن آسماء الله تعالى الحسنى أنه الحكم العدل الحكم بمعنى الفصل بين المنازعات , قال تعالى : أفغير الله أبتغي حكما -114الأنعام وقال تعالى : واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين – 109 يونس وأحكم الأمر : أتقنه , قال تعالى : ثم يحكم الله آياته – 52 الحج والحاكم هو الذي لا راد لقضائه , ولا معقب لحكمه هو الله. قال تعالى : إن الحكم إلا لله - 57 الأنعام فهو وحده المجازي كل نفس بما عملت سبحانه وتعالى. والعدل المنزه عن الظلم , قال تعالى :وما ربك بظلام للعبيد – 46 فصلت وقال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ – 90 النحل
    فهو العدل المطلق. هو الله .
    ******
    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى

  2. #20
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399



    الجزء السابع
    ( 1 )
    وبعض آيات من سورة المائدة

    مبدأ المرجعية في الحلال والحرام

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ – 87 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ 88

    من الأمور الخطيرة التي يقع فيها الإنسان تحريم وتحليل الأشياء بغير مرجعية تحدد له الحلال والحرام , وبذلك يقع فريسة لشياطين الإنس والجن ليحطموا كيانه البدني , بواسطة تزين المحرمات مثل الخمر ولحم الخنزير والدم , وتحريم الطيبات من اللحم المذبوح بطريقة شرعية , وغيرها من الطيبات من الرزق .
    وتعاني الإنسانية هذه الأيام - من جراء هذه المخلافات - العديدة من الأمراض التي لم تكن من قبل .
    قال تعالى :
    ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ – 41 الروم
    أي: استعلن الفساد في البر والبحر أي: فساد معايشهم ونقصها وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والوباء وغير ذلك، وذلك بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة المفسدة بطبعها , وتركهم الحلال الطيب .
    ويقول تعالى :
    قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 32 قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ – 33 الأعراف
    ينكر تعالى على من تعنت، وحرم ما أحل اللّه من الطيبات من أنواع اللباس على اختلاف أصنافه، والطيبات من الرزق، من مأكل ومشرب بجميع أنواعه،
    فمَن هذا الذي يقدم على تحريم ما أنعم اللّه بها على العباد، ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسَّعه اللّه ؟
    وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله لهم ليستعينوا به على عبادته،

    وقال تعالى في سورة النحل :

    فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - 114 إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - 115 وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ - 116
    يأمر تعالى عباده بأكل ما رزقهم الله من الحيوانات والحبوب والثمار وغيرها. ﴿حَلالا طَيِّبًا﴾ أي: حالة كونها متصفة بهذين الوصفين بحيث لا تكون مما حرم الله أو أثرا عن غصب ونحوه. فتمتعوا بما خلق الله لكم من غير إسراف ولا تَعَدٍّ.
    ولا تحرموا وتحللوا من تلقاء أنفسكم، كذبا وافتراء على الله وتقولا عليه.
    فالله تعالى ما حرم علينا إلا الخبيثات تفضلا منه، وصيانة لنا عن كل مستقذر.

    يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ من المطاعم والمشارب، فإنها نعم أنعم الله بها عليكم، فاحمدوه إذ أحلها لكم، واشكروه ولا تردوا نعمته بكفرها أو عدم قبولها، أو اعتقاد تحريمها، فتجمعون بذلك بين القول على الله الكذب، وكفر النعمة، واعتقاد الحلال الطيب حراما خبيثا، فإن هذا من الاعتداء.

    والله قد نهى عن الاعتداء فقال: ﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ بل يبغضهم ويمقتهم ويعاقبهم على ذلك.
    ثم أمر بضد ما عليه المشركون، الذين يحرمون ما أحل الله فقال: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالا طَيِّبًا أي: كلوا من رزقه الذي ساقه إليكم، بما يسره من الأسباب، إذا كان حلالا, لا سرقة ولا غصبا ولا غير ذلك من أنواع الأموال التي تؤخذ بغير حق، وكان أيضا طيبا، وهو الذي لا خبث فيه، فخرج بذلك الخبيث من السباع والخبائث.

    ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه. ﴿الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ فإن إيمانكم بالله يوجب عليكم تقواه ومراعاة حقه، فإنه لا يتم إلا بذلك.
    ويدخل في هذه الآية أنه لا ينبغي للإنسان أن يتجنب الطيبات ويحرمها على نفسه، بل يتناولها مستعينا بها على طاعة ربه.

    *******

    فقد جاءت شريعة الله رحمة وهداية لجميع البشر.


    قال تعالى لجميع البشر رحمة لهم :

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ - 168 البقرة

    ******


    وقال تعالى لأحبابه المؤمنين :

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - 172 إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ – 173 البقرة

    هذا أمر للمؤمنين خاصة, بعد الأمر العام, وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي, بسبب إيمانهم, فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق, والشكر لله على إنعامه , باستعمالها بطاعته , والتقوي بها على ما يوصل إليه ، فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله :
    ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا – 51 المؤمنون


    *****

    وقال تعالى لأهل الكتاب رحمة بهم :

    الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ – 157 الأعراف

    وهذا من دلائل النبوة لرسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه, الذي علم الإنسانية.
    فهذا وصفه في التوراة والإنجيل.
    يأمرهم بالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وصلة الأرحام، وبر الوالدين، والإحسان إلى الجار , وبذل النفع لسائر الخلق، والصدق، والعفاف، والبر، والنصيحة، وما أشبه ذلك، وينهى عن الشرك باللّه، وقتل النفوس بغير حق، والزنا، وشرب ما يسكر العقل، والظلم لسائر الخلق، والكذب، والفجور، ونحو ذلك‏.‏

    فأعظم دليل يدل على أنه رسول اللّه، ما دعا إليه وأمر به، ونهى عنه، وأحله وحرمه،
    فإنه ‏﴿ ‏يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ‏﴾‏ من المطاعم والمشارب، و الزواج‏.‏
    ‏﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ ‏من المطاعم والمشارب والفواحش، والأقوال والأفعال‏.‏
    ‏﴿ ‏وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم ‏﴾‏ فالإسلام مع عظم تعاليمه إلا أنه دين سهل واضح المعالم , سمح ميسر، لا إصر فيه، ولا أغلال، ولا مشقات ولا تكاليف ثقال‏.‏

    قال تعالى :
    وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ – 107 الأنبياء

    *******
    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى











  3. #21
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399



    الجزء السابع
    ( 2 )
    وبعض آيات من سورة المائدة

    واستكمالا لمبدأ المرجعية في تحديد الحلال والحرام
    نعيش مع تلك الآيات الكريمة.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - 90 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ 91

    وقد ورد في صحيح مسلم
    عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنه قال:

    كل مسكر خمر . وكل مسكر حرام . ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ، لم يتب ، لم يشربها في الآخرة .
    الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2003
    خلاصة الدرجة: صحيح

    لا سبيل للإنسانية وخاصة المؤمنين النهوض والفوز في الدنيا والأخرة إلا بترك المحرمات , فإنها من عمل الشيطان، وأنها رجس.
    خصوصا هذه الفواحش المذكورة،
    وهي الخمر وهي:
    كل ما خامر العقل أي: غطاه بسكره،

    والميسر، وهو:
    جميع المغالبات التي فيها عوض من الجانبين، كالمراهنة والقمار ونحوها،

    والأنصاب التي هي:
    الأصنام والأنداد ونحوها، مما يُنصب ويُعبد من دون الله،

    والأزلام التي يستقسمون بها، فهذه الأربعة نهى الله عنها وزجر، وأخبر عن مفاسدها الداعية إلى تركها واجتنابها. وأنها من عمل الشيطان، الذي هو أعدى الأعداء للإنسان.
    ومن المعلوم أن العدو يحذر منه، وتحذر مصايده وأعماله، خصوصا الأعمال التي يعملها ليوقع فيها عدوه، فإنها فيها هلاكه، فالحزم كل الحزم البعد عن عمل العدو المبين، والحذر منها، والخوف من الوقوع فيها.
    ومنها:
    أنه لا يمكن الفلاح للعبد إلا باجتنابها،
    فإن الفلاح هو:
    الفوز بالمطلوب المحبوب وهي السعادة في الدنيا والفوز بالجنة في الأخرة ، والنجاة من المرهوب وهي الشقاء في الدنيا والنار في الأخرة .

    فالخمر والميسر
    موجبة للعداوة والبغضاء بين الناس، والشيطان حريص على بثها،
    ليوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء.

    فإن في الخمر من انغلاق العقل ، ما يدعو إلى البغضاء بينه وبين إخوانه المؤمنين، خصوصا إذا اقترن بذلك من السباب ما هو من لوازم شارب الخمر، فإنه ربما أوصل إلى القتل.
    وما في الميسر من غلبة أحدهما للآخر، وأخذ ماله الكثير في غير مقابلة، ما هو من أكبر الأسباب للعداوة والبغضاء.

    ومنها:
    أن هذه الأشياء تصد القلب، وتبعد الإنسان عن ذكر الله وعن الصلاة، اللذين خلق لهما العبد، وبهما سعادته،

    فأي معصية أعظم وأقبح من معصية تدنس صاحبها، وتجعله من أهل الخبث، وتوقعه في أعمال الشيطان وشباكه، فينقاد له كما تنقاد البهيمة الذليلة لراعيها، وتحول بين العبد وبين فلاحه، وتوقع العداوة والبغضاء بين المؤمنين، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة ؟" فهل فوق هذه المفاسد شيء أكبر منها ؟"
    ولهذا عرض تعالى على العقول السليمة النهي عنها، عرضا بقوله:
    ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ لأن العاقل - إذا نظر إلى بعض تلك المفاسد - انزجر عنها وكفت نفسه .


    ********
    وقد وردت عدة أحاديث في كتب الصحاح عن تلك المحرمات
    قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم :

    لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم ، حين ينتهبها وهو مؤمن .
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2475
    خلاصة الدرجة: صحيح

    إن من أشراط الساعة :
    أن يرفع العلم ويثبت الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا.

    الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 80
    خلاصة الدرجة: صحيح

    أتي رسول الله ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن ، فنظر إليهما ، فأخذ اللبن ، قال جبريل : الحمد لله الذي هداك للفطرة ، لو أخذت الخمر غوت أمتك .
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4709
    خلاصة الدرجة: صحيح

    لما أنزلت الآيات من آخر سورة البقرة ، قام رسول الله فقرأهن علينا ، ثم حرم التجارة في الخمر .
    الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4543
    خلاصة الدرجة: صحيح

    *******

    و لا شك أن البلدان التي تبيح صنع الخمور
    وبيعها تعاني كثيرا من المشاكل المترتبة على ذلك سواء بالإنفاق على معالجة الإدمان , أو الحوادث جراء المسكرات.

    ولذلك ندرك قيمة تحريم هذه الخبائث في المجتمع الإسلامي النظيف الذي يسعى للرقي بذلك الإنسان وحمايته من شياطين الإنس والجن.

    ********

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى











  4. #22
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399



    مع الجزء السابع
    (3)
    ختام سورة المائدة

    مبدأ الصدق في حياة المؤمن


    قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - 120



    والصادقون هم الذين استقامت أعمالهم وأقوالهم ونياتهم على الصراط المستقيم والهدْي القويم، فيوم القيامة يجدون ثمرة ذلك الصدق،

    قال رسول الله, صلى الله عليه وآله وسلم:
    إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا .
    الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6094
    خلاصة الدرجة: صحيح

    *****
    وإن من أعظم المبادئ التي جاء بها الإسلام مبدء الصدق ,
    ولا يجتمع الإيمان و الكاذب في الإسلام أبدا.

    قيل لرسول الله :
    أيكون المؤمن جبانا ؟ قال : نعم ، فقيل : أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال : نعم ، فقيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا

    الراوي: صفوان بن سليم المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد - الصفحة أو الرقم: 16/253
    خلاصة الدرجة: حسن


    وعن عبد الله بن مسعود
    أنه كان يجيء كل يوم خميس يقوم قائما لا يجلس فيقول:
    إنما هما اثنتان, فأحسن الهدي هدي محمد وأصدق الحديث كتاب الله.

    وشر الأمور محدثاتها وكل محدث ضلالة,
    إن الشقي من شقي في بطن أمه وإن السعيد من وعظ بغيره.
    ألا فلا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل, فإن كل ما هو آت قريب وإنما البعيد ما ليس آتيا .
    وإن من شرار الناس بطال النهار جيفة الليل.
    وإن قتل المؤمن كفر وإن سبابه فسوق.
    ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.

    ألا إن شر الروايا روايا الكذب وإنه لا يصلح من الكذب جد ولا هزل,
    ولا أن يعد الرجل صبيه ثم لا ينجزه ألا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الصادق يقال له صدق وبر وإن الكاذب يقال له كذب وفجر ,
    وإني سمعت رسول الله يقول:
    إن العبد ليصدق فيكتب عند الله صديقا وإنه ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ألا هل تدرون ما العضة هي النميمة التي تفسد بين الناس.
    الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: ابن القيم - المصدر: شفاء العليل - الصفحة أو الرقم: 1/105
    خلاصة الدرجة: متواتر

    ******
    ومبدء الصدق يكون في جميع المعاملات
    وخلق الصدق يؤدي إلى الثقة بين أفراد المجتمع.

    روى البخاري في صحيحه :
    أن النبي استعمل ابن الأتبية على صدقات بني سليم ، فلما جاء إلى رسول الله وحاسبه قال : هذا الذي لكم ، وهذه هدية أهديت لي ، فقال رسول الله : فهلا جلست في بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا .
    ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس ، وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإني أستعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله ، فيأتي أحدكم فيقول : هذا لكم وهذه هدية أهديت لي ، فهلا جلس في بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ، فوالله ، لا يأخذ أحدكم منها شيئا بغير حقه ، إلا جاء الله يحمله يوم القيامة .

    الراوي: أبو حميد الساعدي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:7197
    خلاصة الدرجة: صحيح

    ******
    ويتجلى مبدء الصدق في الخصومات بالمحاكم .
    فلو ذهب شخص إلى محام وتولى الدفاع عنه بكل أشكال الطرق
    وهو يعلم أنه ليس على حق وحكم له القاضي بناء على هذا الدفاع ,
    ماذا يفعل ؟ لنستمع إلى معلم الإنسانية قيمة الصدق:

    سمع النبي جلبة خصام عند بابه ، فخرج عليهم فقال : إنما أنا بشر ، وإنه يأتيني الخصم ، فلعل بعضا أن يكون أبلغ من بعض ، أقضي له بذلك ، وأحسب أنه صادق ، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار ، فليأخذها أو ليدعها .
    الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7185
    خلاصة الدرجة: صحيح

    *******
    أهمية مبدأ الصدق في حياة الإنسان
    وأنه حبل النجاة إلى مرضاة الله تعالى .

    وكلنا يعرف قصة كعب بن مالك الذي تخلف في غزوة تبوك,
    وكيف نجاه الله بصدقه .

    قال كعب : فوالله ما أعلم أحد أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني ، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله إلى يومي هذا كذبا ، وأنزل الله عز وجل على رسوله :
    لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار - إلى قوله - وكونوا مع الصادقين
    .سورة التوبة

    الراوي: كعب بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4678
    خلاصة الدرجة: صحيح


    *******
    أهمية الصدق في العقيدة

    من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، صادقا من قلبه دخل الجنة.
    الراوي: معاذ بن جبل المحدث: ابن خزيمة - المصدر: التوحيد - الصفحة أو الرقم: 787/2

    من قال :
    لا إله إلا الله صادقا من قلبه ، دخل الجنة.

    الراوي: - المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: الاستذكار - الصفحة أو الرقم: 4/92
    خلاصة الدرجة: صحيح

    قال تعالى في وصف المنافقين:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ-8 - يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ -9 فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ -10 - سورة البقرة
    واعلم أن النفاق هو:
    إظهار الخير وإبطان الشر،
    ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي, والنفاق العملي،

    كالذي ذكر النبي في قوله:
    "
    آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان " وفي رواية: " وإذا خاصم فجر "

    وأما النفاق الاعتقادي
    المخرج عن دائرة الإسلام,
    فهو الذي وصف الله به المنافقين في الآيات السابقة،

    ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة الرسول [من مكة] إلى المدينة, وبعد أن هاجر, فلما كانت وقعة " بدر " وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم, فأظهر بعضهم الإسلام خوفا ومخادعة, ولتحقن دماؤهم, وتسلم أموالهم, فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم, وفي الحقيقة ليسوا منهم.
    فمن لطف الله بالمؤمنين, أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها, لئلا يغتر بهم المؤمنون,
    فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله:
    ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ لأن الإيمان الحقيقي, ما تواطأ عليه القلب واللسان, وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين.

    والمخادعة:
    أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا, ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، فهؤلاء المنافقون, سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك, فعاد خداعهم على أنفسهم،

    لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم شيئا , وعباده المؤمنون, لا يضرهم كيدهم شيئا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان, فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم, وصار كيدهم في نحورهم, وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا, والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة.
    ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع, بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم, والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك.

    وفي قوله عن المنافقين:
    ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين, وأنه بسبب ذنوبهم السابقة, يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى :
    وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ .- 110 الأنعام

    وقال تعالى:
    فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ 5 الصف

    وقال تعالى:
    وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ – 125 التوبة

    فعقوبة المعصية, المعصية بعدها, كما أن من ثواب الحسنة, الحسنة بعدها، قال تعالى:
    وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى – 76 مريم

    ****

    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى











  5. #23
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399



    الجزء الثامن
    ( 1 )
    بعض آيات من
    آواخر سورة الأنعام
    وبداية
    سورة الأعراف

    إشتملت تلك الآيات على كثير من المبادئ الهامة في حياة الإنسان عبر العصور المختلفة , ولأن هناك ضرورات ثابتة في حياة البشر لا تتغير بتغير الزمان أو المكان فكان لابد لها من تلك المبادئ الثابتة التي تنظمها وتضع لها الضوابط حتي تستقيم المجتمعات ضمن منظومة تشريعية متكاملة لحقوق الفرد والمجتمع.

    قال تعالى :

    قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ -151

    وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ -152

    وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -153

    أهم المبادئ التي نحاول أن نلتمسها من الآيات الكريمة.

    حرية الإرادة بالتوجه لله الحق وحده بالعبادة , الإحسان إلى الأباء , حقوق الطفل وعدم قتلهم من الفقر, تحريم الفواحش , تحريم قتل النفس , صيانة مال اليتيم , الوفاء في الكيل والميزان , العدل في القول , الوفاء بعهد الله تعالى.

    أولا- التحرر من العبودية لغير الله سبحانه , أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا ...
    فالتوحيد هو أساس الحرية التي يسعى اليها الإنسان , فإذا أسلم العبد لله, وشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله , فقد تحققت له الحرية الحقيقية لا الحريات الزائفة التي تدور حول الإنفلات الأخلاقي الذي نشاهده اليوم والذي يؤدي إلى الأمراض النفسية والهلاك في الدنيا والأخرة.

    ثانيا- الإحسان إلى الآباء , وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...
    وهذه قمة الأخلاق التى لا تعرفها الحضارة اليوم , فغاية ما يفعلونه إنشاء دور للمسنين ووضعهم فيها دون مراعاة لمشاعرهم في الحاجة الى حنان الآبناء والأحفاد...

    ثالثا- حقوق الطفل , وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ...
    فقد أمرنا الله تعالى بعدم قتلهم بسبب الفقر , فإن الذي خلقنا هو الذي يرزقنا وإياهم , والذي يتصور غير ذلك ليس بمؤمن.
    وحقوق الطفل كثيرة في الشريعة الإسلامة منها الإختيار الجيد لأمه ,
    ومنها العناية بتعليمه والإهتمام بالرياضة مثل السباحة والرماية وركوب الخيل إلى غير ذلك.
    علموا بنيكم السباحة والرمي ...
    المحدث: الزرقاني - المصدر: مختصر المقاصد - الصفحة أو الرقم: 658
    والعدل بين الأبناء , ورد أن صحابيا سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : ( أعطيت سائر ولدك مثل هذا ) . قال : لا ، قال : ( فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) . قال : فرجع فرد عطيته .
    الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2587
    خلاصة الدرجة: صحيح
    وقبل كل شئ ينشأ في رحاب الصلة بالله تعالى,
    حيث يؤمر الطفل بالصلاة في عمر سبع سنوات., لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
    مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع .
    الراوي: جد عمرو بن شعيب المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 495

    رابعا- عدم القرب من الفواحش ماظهر منها وما بطن,وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ....
    والنهي هنا جاء مشددا حيث كان النهي عن مجرد الإقتراب من الفواحش من تحرش وزنا وما شابه ذلك ...

    خامسا- حماية النفس الإنسانية من القتل, وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ...
    تحريم قتل النفس مطلقا إلا بالقانون , كعقوبة القتل العمد..
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
    اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات
    الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6857
    خلاصة الدرجة: صحيح

    قال تعالى:
    ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ َتعْقِلُونَ...

    سادسا- صيانة مال اليتيم ,وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ...
    بالنهي عن تبديد ماله الذي ورثه , ولكن إن كان التعامل مع مال اليتيم لتنميته واستثماره فلا بأس , فإذا بلغ اليتيم الرشد فيسلم إليه ماله...

    سابعا- الوفاء في المعاملات المالية ,وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا...
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
    من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا
    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 101
    خلاصة الدرجة: صحيح

    الوفاء في الكيل في حالة البيع بهذه الوسيلة,( المكيال)
    والوفاء والدقة في الميزان في حالة البيع بهذه الوسيلة ( الميزان)
    وهذا بقدر الإمكان قال تعالى : لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا...

    ثامنا- العدل في القول , وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى...
    العدل في القول ولو كان الذي عليه الحق قريب , فالعدل أساس الملك وبدون العدل تنهار الأمم..

    تاسعا- الوفاء بعهد الله , وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ, ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.
    في حال الإتفاق بين الأفراد بعهود معينة, وجب الوفاء بها, وكذلك العهود المبرمة بين الدول , وما كانت المنازعات وماكانت الحروب إلا بعدم الوفاء بالعهود..

    عاشرا- اتباع طريق الله المستقيم ,وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ...
    والطريق المستقيم هو الطريق الموصل إلى السعادة في الدنيا وإلى جنات الله في الأخرة...والنهي عن إتباع طرق الشيطان لانها تبعدنا عن طريق الحق والهدية.

    هذه المبادئ العظيمة مرتبطة بعقيدة التوحيد ولا يمكن أن نفصل بينها.
    قال تعالى:
    ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.


    وتأكيدا لتلكم المبادئ جاءت الآية-33 من سورة الأعراف

    قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ .


    ********

    وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى












  6. #24
    قلم فضي

    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    399




    الجزء الثامن
    ( 2 )
    بعض آيات من سورة الأعراف

    وتتوالى المبادئ والأخلاق راجين من الله تعالى أن تسود بيننا .

    ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ -55 وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ - 56

    الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة، ودعاء العبادة، فأمر بدعائه ﴿تَضَرُّعًا أي: إلحاحا في المسألة، ودُءُوبا في العبادة، ﴿وَخُفْيَةً أي: لا جهرا وعلانية، يخاف منه الرياء، بل خفية وإخلاصا للّه تعالى.
    ﴿إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ أي: المتجاوزين للحد في كل الأمور،
    ومن الاعتداء كون العبد يسأل اللّه مسائل لا تصلح له، أو يتنطع في السؤال، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه.

    ******

    ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا

    والفساد يقع بعمل المعاصي, فإن المعاصي تفسد الأخلاق والأعمال والأرزاق، كما قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ41 الروم
    إن كثيرا من المشكلات المعاصرة سببها الرئيسي الفساد.
    وكثيرا ما نرى مشاريع عملاقة صنعت سلفا ودمرها الفساد من إهمال وسرقة ورشاوى وغيرها.
    وقضايا البيئة والتلوث وترشيد إستخدام الطاقة , واستخدام الوسائل النظيفة مثل الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء وتسير المركبات.
    كل هذا وغيره تشير إليه تلك الآية الكريمة.

    ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا

    يعتبر هذا نصا دستوريا ثابتا لا يتغير بتغير الزمان أو المكان.
    وبذلك ندرك مدى صلاحية الشريعة الإسلامية على مدى العصور .

    وإذا كان الفساد يظهر بسبب المعاصي والمخالفات,
    فأن الطاعات تصلح بها الأخلاق، والأعمال، والأرزاق، وأحوال الدنيا والآخرة.

    ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا أي: خوفا من عقابه، وطمعا في ثوابه، طمعا في قبولها، وخوفا من ردها، لا دعاء عبد قد أعجبته نفسه، ونزل نفسه فوق منزلته، أو دعاء من هو غافل لاَهٍ.
    وحاصل ما ذكر اللّه من آداب الدعاء:
    الإخلاص فيه للّه وحده، لأن ذلك يتضمنه الخفية، وإخفاؤه وإسراره،

    وأن يكون القلب خائفا طامعا لا غافلا، ولا آمنا ولا غير مبال بالإجابة، وهذا من إحسان الدعاء، فإن الإحسان في كل عبادة بذل الجهد فيها، وأداؤها كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه،
    ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ في عبادة اللّه، المحسنين إلى عباد اللّه، فكلما كان العبد أكثر إحسانا، كان أقرب إلى رحمة ربه، وكان ربه قريبا منه برحمته، وفي هذا من الحث على الإحسان ما لا يخفى.

    ******

    روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن قال:
    أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، و أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربة ، أو يقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، و لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد ، يعني مسجد المدينة شهرا ، و من كف غضبه ستر الله عورته ، و من كظم غيظه ، و لو شاء أن يمضيه أمضاه, ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ، و من مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ، و إن سوء الخلق يفسد العمل ، كما يفسد الخل العسل .
    الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 906
    خلاصة الدرجة: صحيح

    *****
    وإلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى











المواضيع المتشابهه

  1. التأثير المذهل للقرآن على الإنسان
    بواسطة mohammadwardeh في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-07-2011, 05:38 PM
  2. سلسلة رحلة القرآن العظيم الجزء الاول كاملة وثائقى انتاج قناة اقرأ
    بواسطة moustafaaa في المنتدى الأفلام الوثائقية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-06-2011, 11:30 PM
  3. القصه الحقيقيه للحرب
    بواسطة انصارالله في المنتدى القســم السـياســي والاخباري لشؤون المحلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-24-2010, 10:44 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

((سورة القيامه سؤال وجواب

الاسرار فى التكرار لاعظم سورة فى القرأن الكريم (الفاتحه)

الباب الثالث مجالات العبادة في الإسلام