العلم النافع والعمل الصالح نتيجة الرزق الحلال
عن الحلال وزرقه
وعن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر صلاة الفجر : ( اللهم إني أسألك علما نافعا ، وعملا متقبلا ، ورزقا طيبا ) . رواه أحمد وابن ماجه ، والبيهقي في : ( الدعوات الكبير ) . |
الحاشية رقم: 1 | |||
2498 - ( وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر الفجر ) : أي : في دبر صلاة الفجر كما في نسخة ، وعبارة الأذكار : إذا صلى الصبح ( اللهم إني أسألك علما نافعا ، وعملا متقبلا ) : بفتح الموحدة أي : مقبولا ( ورزقا طيبا ) : أي : حلالا في مختصر الطيبي - رحمه الله : فإنه أس لهما ولا يعتد بهما دونه . أقول ولهذا قدم عليهما في رواية الحصن عن الطبراني في الأوسط ، وابن السني وفي شرح الطيبي - رحمه الله : إن قلت كان من الظاهر أن يقدم الرزق الحلال على العلم ، لأن الرزق إذا لم يكن طيبا لم يكن العلم نافعا ، والعمل إذا لم يكن عن علم نافع لم يكن متقبلا قلت : أخره ليؤذن بأن العلم والعمل إنما يعتد بهما إذا تأسسا على الرزق الحلال ، وهي المرتبة العليا ، ولو قدم لم يكن بذلك ، كما إذا سئلت عن رجل ؟ فقيل لك : هو عالم عامل ، فقلت : من أين معاشه ؟ فقيل : لك من أوزار السلطان استنكفت منه ، ولم تنظر إلى علمه وعمله وتجعلهما هباء منثورا اهـ . وحاصل السؤال أن تقديم الرزق هو المقدم حسا لكونه سببا لتحصيلهما ، ولذا قدمه تعالى في مواضع من كتابه فقال : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون . ولذا قال يحيى بن معاذ الرازي : الطاعة مخزونة في خزائن الله تعالى ، ومفتاحها الدعاء ، وأسنانه الحلال . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام . ومن المعلوم أن العلم النافع والعمل الصالح نتيجة الرزق الحلال ، وحاصل الجواب أن هذا الترتيب للترقي لا للتدلي ، ويدل عليه قوله وهي المرتبة العليا ، وكل واحد منها قيد لكمال ما قبله ، ويشير إليه بقوله : فقلت : من أين معاشه ؟ ويمكن أن يجاب بأنه قدم العلم إيماء بأنه الأساس ، وعليه مدار الدين من الاعتقاد والأحوال ، وصحة الأعمال ومعرفة الحرام والحلال ، ثم أتى بنتيجة العلم وهو العمل ، فإنه لو لم يعمل بعلمه فكأنه جاهل لقوله تعالى : إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة فإن البغوي - رحمه الله - قال : أجمع السلف رحمهم الله تعالى على أن من عصى الله جاهل . وأقول : بل أشد منه لقوله : - صلى الله عليه وسلم - ( أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه ) . وورد : ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبع مرات ، بل قال الإمام الغزالي - رحمه الله : إن أقل العلم بل أدنى الإيمان أن يعلم أن الدنيا فانية والعقبى باقية ، ونتيجته أن يؤثر الباقي على الفاني ، ثم لما كان الرزق الحلال من جملة الأعمال خص بالذكر لأنه كالأساس الظاهري في نتيجة العلم وصحته ، وترتب العمل وإخلاصه وقبوله . [ ص: 1737 ] وأما قول ابن حجر - رحمه الله : قدمه إشارة إلى أن حكم الأول أن ينور القلب ، ويزيد في العلم . والثاني : أنه ربما أظلم القلب ، ونقص من العلم . والثالث أنه يظلم القلب ويبعد من الله ويوجب مقته وخذلانه ، فمع ركاكة لفظه وغلاقة معناه لا يلائم أرباب العبارات ، ولا يناسب مرام أصحاب الإشارات ( رواه ) : أي : بهذا اللفظ [ أحمد ، وابن ماجه ، والبيهقي في ( الدعوات الكبير ) ، : وزاد في الأذكار ، وابن السني ، فلعله له روايتان والله تعالى أعلم . |
تعليقات
إرسال تعليق