الذنوب قدر واقع لا بد منه؛ لأن الأرض مليئة بأسباب الذنب، من شيطان لا هم له إلا غواية البشر والقعود لهم بكل صراط، ونفس أمارة بالسوء، وهوى مضل عن سبيل الله، مردٍ في أنواع المهالك، إلى..
الذنوب قدر واقع لا بد منه؛ لأن الأرض مليئة بأسباب الذنب، من شيطان لا هم له إلا غواية البشر والقعود لهم بكل صراط، ونفس أمارة بالسوء، وهوى مضل عن سبيل الله، مردٍ في أنواع المهالك، إلى شياطين الإنس الذين يميلون بالناس إلى الشهوات ميلا عظيما، ويوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن يبغونها عوجا، فمهما اتخذ الإنسان الحيطة والوقاية والحذر من الذنوب فإنه غير سالم منها؛ لأنها قدر واقع لا يمكن دفعها بالكلية، كما لا يمكن دفع الأمراض العضوية بالكلية مهما تخذنا من أسباب الحيطة، فالذنوب من قدر الله تعالى، وكل إنسان مكتوب عليه حظه منها كما كتب عليه حظه من المرض. قال تعالى: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ }، قال طاووس: "ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين: النظر، وزنا اللسان: النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" [رواه البخاري]. ولكن هذا لا يعني التراخي والتهاون مع الذنوب وركوبها في كل خاطرة وسانحة...